أقلام حرة

لماذا لم نعد نضحك؟!

playstore

ركبت الباص متوجهة لعملي متأخرة كعادتي…أتأمل وجوه الناس العابسة…مظهر البؤس والحزن يخيم على جلّها…صدور كأنها تحمل ثقل الجبال همّا…الكل على أعصابه…لم نعد نضحك كما كنا سابقا…كأن سعادتنا اختُزِلت في مرحلة الطفولة فقط…أم أن سياط الحياة كانت أكثر قسوة وهي تجلدنا على مر السنين… وكانت هذه هي النتيجة في النهاية…توقفت الحافلة في إحدى محطاتها…ينزل البعض…ويصعد البعض الآخر…انتشلني صوت خارج الباص من رحلة تأملي التي لا تنتهي … رجل ضرير يصرخ عاليا أ هذه الحافلة رقم 17؟…يدور حول نفسه…يتقدم بعصاه التي تبحث معه عن الطريق خطوة ويتأخر خطوة…يصطدم بالناس….يتخبط في متاهة الظلام…يستنجد بالمبصرين…لكن لم يعره أحد أدنى اهتمام…كأنه دخان مبعثر في السماء…تحركت الحافلة وتَركتُ صوت صرخاته التي تتبعني…أ لهذه الدرجة فقدنا إحساسنا ببعضنا البعض؟؟؟…أ لهذه الدرجة تحجرت مشاعر الإنسانية فينا؟ أصبحنا مجرد أجسام فارغة…تدور حول نفسها حتى يأتي الموت…وتختم الرحلة في قبر ضيق…وهل نحن هكذا أحياء؟الكل يتحجج بضغط الحياة ومشاكلها…عمل شاق في غير مجال تخصصه…زوجة تغرد خارج السرب…أو ابن عاق…وحتى غير هذا…لكن ألن نجد وسط كل هذا الزخم لحظة ابتسامة لأنفسنا؟…لحظة فرح ولو صغيرة ولو تافهة…ماذا سنخسر إن ابتسمنا في وجوه بعضنا…ابتسامة تمسح غبار القسوة عن قلوبنا…تمحو بعضا من هذا الضغط الذي أنسانا أننا بشر…وجعلنا مجرد آلات تستهلك الكثير وتنتج القليل و تعيش روتين يومي قاتل…إنسانيتنا تحتضر ولا أحد يدري إلى أي حد يمكن أن تصل بنا القسوة…مشاهد مؤلمة تتكرر أمام أنظارنا ونكتفي بالصمت كما فعلت أنا مع الرجل الضرير …كان بإمكاني النزول من الحافلة و إرشاده عوض الاكتفاء بالتأمل…ماذا كان سيحدث لو تأخرت عن عملي دقائق أخرى…لا شيء…لن يحدث شيء…لكني لم أفعل…

بقلم: أمينة أوسعيد

pellencmaroc
playstore

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WeCreativez WhatsApp Support
فريق صفروبريس في الاستماع
مرحبا