ضرورة الاستجابة لدعوة جلالة الملك بعدم ذبح أضحية العيد: واجب وطني وديني

محمد حارص: مدير النشر
انطلاقًا من واجب الاحترام والتقدير الذي يُكنّه كل مواطن مغربي لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، واستنادًا إلى ما ينص عليه الفصل 46 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011، الذي يقر بأن الملك هو ضامن استقلال البلاد ووحدتها، فإن دعوته السامية، التي جاءت بصيغة “أهيب بك”، والمتعلقة بعدم ذبح أضحية العيد هذه السنة، تعد أمرًا يستوجب الطاعة والامتثال، نظرًا لما تحمله من دلالات وطنية عميقة ومصلحة عامة ظاهرة.
صحيح أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، لكن تبقى الإهابة التي أهاب بها جلالته بالمغاربة بمثابة توجيه سامٍ ذي طابع ملزم، لما تحمله من مصلحة عامة مستعجلة، وبذلك فإن مخالفتها تستوجب العقوبة حماية للنظام العام. ومن هذا المنطلق، على السلطات المختصة والوزارة الوصية أن تُسارع إلى استصدار نص قانوني صريح يُحدد العقوبات المناسبة في حق المخالفين، على غرار ما تم العمل به خلال فترة الطوارئ الصحية أثناء جائحة كورونا. كما أنه من الضروري أن تضطلع المجالس العلمية المحلية بدورها في توعية المواطنين دينيًا، وتوضيح أن مخالفة هذا التوجيه الملكي تُقاس شرعًا على مخالفة أولي الأمر، وهو أمر غير مقبول لا دينيًا ولا وطنيًا.
إن هذه الدعوة لا تمسّ بروح الشعيرة الدينية، بل تأتي في إطار ظرف استثنائي تمر به بلادنا، يهدد فيه القطيع الوطني من الأغنام بالاندثار نتيجة التغيرات المناخية، والجفاف، وارتفاع أسعار الأعلاف، مما يجعل الاستجابة لهذا النداء الملكي خطوة حكيمة تضمن التوازن البيئي والاقتصادي على المدى القريب والبعيد.
ومن الناحية الشرعية، فإن شعيرة الأضحية مرتبطة بأيام معلومة، وهي أيام العاشر والحادي عشر والثاني عشر من شهر ذي الحجة، وهي شعيرة مستحبة غير واجبة عند جمهور العلماء، كما أن الشرط الأساسي لكونها قربة هو القدرة، والاستطاعة، وعدم الإضرار بالنفس أو بالغير. وبما أن الوضع الحالي يشير إلى ضرر مؤكد في استنزاف الثروة الحيوانية، فإن ترك الذبح هذه السنة يُعد عملًا راجحًا يراعي مقاصد الشريعة، التي من أهمها حفظ المال، والنفس، والمصلحة العامة.
ثم إننا كمغاربة، ننتمي لوطن يقوده ملك حكيم، يتمتع ببُعد نظر واستشراف عميق لمستقبل البلاد، فعلينا أن نعي أن الاستجابة لهذه الدعوة الملكية لا تنقص من إيماننا، بل تؤكد التزامنا بمواطنتنا الصادقة، وحرصنا على الصالح العام.
إن التضامن مع الوطن في مثل هذه الظروف، والامتثال لتوجيهات القيادة العليا، يجسد أسمى معاني الانتماء، والوفاء، ويُعد مساهمة فعلية في صون مقدّرات الأمة، وضمان استدامة ثرواتها الحيوانية، وتهيئة الظروف الملائمة لأجيال المستقبل.