المغرب

التنظيم الإرهابي داعش يرفع تحدي فتل الذراع الأمني للمغرب

playstore

وعدم وجود تعريف عالمي لمصطلح الإرهاب بموجب القانون الدولي. والاستخدام بشكل غامض ومبهم لكلمة إرهابي في وصف بعض الأشخاص كونهم إرهابيين يزيد من سوء فهم الكثيرين ممن يستعملون وصف ارهابي، بالإضافة الى خلو التشريع الجنائي المغربي من إمكانية تنفيذ عقوبة الإعدام، ووجود حركات ومنظمات لحقوق الإنسان والفاعلين في مجال العمل الإنساني يرفضون عقوبة الاعدام، إضافة الى تحويل المساعدات المالية والسلاح لدعم للتنظيمات الانفصالية والإرهابية. كل هذا يدفع المرشحين للقيام بأعمال إرهابية بالحفاظ على ميولهم وانتمائهم للتنظيمات الإرهابية دون خوف على حياتهم من عقوبة الإعدام، وعليه فان الارتكاز على الانتماء الى التنظيمات الإرهابية كافية لمتابعة المتهمين، أما إذا تم ارتكاب أفعال باسم هذه التنظيمات فان الجريمة الإرهابية تصبح كاملة الأركان، وهذا ما يفرض على المجتمع الدولي تكثيف الجهود والتعاون الأمني للتصدي للأعمال الإرهابية التخريبية ومعاقبة الجناة كما يجب أيضا الاهتمام بالحقوق التنموية كمقاربة وقائية لنشر التطرف والارهاب.
محدودية الجهود الدولية.
تبقى جهود المجتمع الدولي لمنع الإرهاب ووقف تدفق المقاتلين الأجانب للالتحاق بالتنظيم الإرهابي الذي يسمي نفسه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) ضعيفة مقارنة مع حجم الخطر الدولي الذي تشكله التهديدات الارهابية للأمن والسلم الدوليين، حيث ارتفع عدد المقاتلين الذين انضموا الى صفوف داعش إلى أكثر من 30 ألف شخص كمقاتلين إرهابيين أجانب جاءوا من حوالي 100 بلد، أي أكثر من نصف مجموع عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، مما زاد من تعقيد تحديد هوية الارهاب والارهابيين.
الأعمال الإرهابية جبانة وغير مبررة.
لا وجود لأي تبرير للقيام بعمل إرهابي، أو حمل أفكار متطرفة تحت أية ذريعة دينية أو سياسية على الإطلاق، ولإلحاق الهزيمة بالأشخاص الإرهابيين عملية ممكنة، وهزم الإرهاب على المدى الطويل يتطلب معالجة الظروف والأسباب المؤدية لانتشاره. وعليه فان تزايد التهديدات الأشد خطورة على السلم والأمن الدوليين بصفة عامة لا يكفيها اصدار قرارات أممية كقرار 1963 (2010) و2129 (2013). أو التركيز على مصداقية المملكة المغربية في دعمها وخدمتها للسلم والأمن الدوليين، أو تنظيم مؤتمرات دولية حول موضوع الإرهاب، بل يجب تحديد الوسائل المادية والبشرية واللوجستيك بشكل كافي، وإعادة النظر في جريمة الإعدام التي ينفذها الارهابيين باسم التنظيمات الإرهابية، بينما هناك من يرفض تطبيق عقوبة الإعدام في حق الإرهابيين الذين قتلوا الابرياء، إضافة الى تحديد استراتيجية دقيقة وخطوات لمكافحة الإرهاب، ومنها معالجة الظروف الاجتماعية السيئة الحاضنة للبؤس المؤدي إلى الارتماء في أحضان التنظيمات الإرهابية وانتشار التطرف.
الدولة الاجتماعية من بين الحلول لمكافحة التطرف والإرهاب.
فالدولة الاجتماعية والتضامنية التي دعا اليها (ليون ديغي) هي خيار مهم لمعالجة أزمتي الليبرالية والاشتراكية في مجال حماية الحقوق والحريات، والاهتمام بالطبقة الوسطى وتقليص الهوة بين الطبقة الفقيرة والطبقة الغنية عن طريق تجاوز الانغلاق الوظيفي للدولة في المجال الاجتماعي والاقتصادي، بما في ذلك تخطي مشكل قلة وضعف فرص التنمية، وإعادة توجيه الموارد والسياسة الضريبية نحو الاسهام في معالجة التهميش والتمييز، ومعالجة مساوئ الإدارة والقضاء، وانتهاكات حقوق الإنسان وسيادة القانون، ومعالجة القضايا والنزاعات الطويلة الأمد أمام المحاكم والتصدي للنزاعات التي لم يتم تسويتها، ومحاربة نشر الفكر المتشدد في السجون، والنهوض بالتعليم بتضمين البرامج التربوية دروسا ناهضة للعنف وتقبيح التطرف.
تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية ستغلق الطرق المؤدية للإرهاب.
صحيح أن أهداف الأمم المتحدة المتصلة بالتنمية، المعتمدة منذ يناير 2016، تبقى طموحة لتنظيف البيئة الاجتماعية الحاضنة للحقودين والمتمردين على الوضعية العامة للبلاد بسبب اتساع هامش الاكتئاب والفقر والظلم والجريمة، وذلك بحشد جهود المجتمع الدولي من أجل التصدي للتحديات المتصلة بالتنمية، ومنها دعم جهود مكافحة الإرهاب بشكل مباشر وغير مباشر، من خلال معالجة الظروف المؤدية إلى انتشاره، والقضاء على مظاهر الفقر بجميع أشكاله في كل مكان، رغم انخفاض معدلات الفقر المدقع بأكثر من النصف منذ عام 1990، إلا أنه ما يزال خمس سكان البلدان النامية يعيشون بدخل أقل من 1,25 دولار في اليوم، ولا يزيد الدخل اليومي لملايين الأشخاص الآخرين عن ذلك إلا بقليل. إضافة التعرض للفاقة والجوع وسوء التغذية ومحدودية فرص الحصول على التعليم والصحة إضافة الى مظاهر التخلف الاجتماعي والسياسي كانعدام فرص المشاركة في صنع القرار. وضعف النمو الاقتصادي الشامل الذي يوفر فرص العمل بشكل مستدام ومعزز للمساواة بين الجنسين ويمكن المرأة التي ما تزان تتعرض للتمييز والعنف في جميع أنحاء العالم. بينما الدخل الفردي في الدول الغربية، لا مجال للمقارنة.
الحقوق والحريات شرط لمعاقبة الخارجين عن القانون.
فالسلام والرخاء والاستدامة في العالم تتطلب كفالة تكافؤ الفرص للنساء والفتيات في الحصول على التعليم والرعاية الصحية والعمل اللائق، وفرص تمثيلهن في عمليات صنع القرارات السياسية والاقتصادية. إضافة الى إتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة، وتجويد الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم وتطهير القضاء من المتلاعبين بالمسؤوليات القضائية ومراجعة الأحكام التي يشوبها شك حول المعالجة القضائية السليمة وتعزيز سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي وكفالة حق إعادة الحقوق بعد الأحكام النهائية، حتى يتمتع الجميع بحماية حقوقه.
ولمكافحة جميع أشكال الجريمة الإرهابية بكل وسائل التعاون الأمني والقضائي الدولي، وبناء القدرات على جميع المستويات في البلدان النامية، يبقى من بين خيارات توفير الوقاية من العنف ومكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود.
ان أهداف الألفية فرصة أمام الدول الأعضاء والأمم المتحدة لمعالجة الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب بصورة جادة وذلك بتحقيق الأمن والرخاء بصورة فعّالة. وتوقيف ثلاثة عناصر إرهابية موالية لتنظيم داعش الإرهابي، بعد ارتكابهم جريمة الاختطاف والقتل والحرق في حق شرطي أثناء مزاولته لمهامه. وأخذ سلاحه الوظيفي لاستخدامه لنفس الأغراض الإرهابية، يبين أن هناك عناصر موالية للتنظيمات الإرهابية ومستعدة للقيام بأعمال تخريبية وعمليات دموية في حق الموالين للمؤسسات الأمنية في أي وقت، ذلك أن تقديم الولاء لأحد زعماء التنظيمات الإرهابية هو الضمان للقيام بأعمال إرهابية ضدا في القوانين الوطنية الدولية والإقليمية.
جدية التخطيط الإرهابية تتطلب الحزم.
يجب حمل التهديدات الإرهابية لداعش على محمل الجد، خصوصا بعد علم التنظيم الإرهابي أنه تم الإعلان عن الخطة الجديدة للتحالف الدولي ضد داعش والقضاء عليه في المؤتمر الوزاري السابع مراكش ماي 2022، وما يتطلبه من تدابير عديدة تستهدف كل التحركات المشبوهة بالعمل الاحترازي لتجنب تنفيذ أعمال إرهابية. وحماية أمن الدولة من أي استهداف، بالموازاة مع الحفاظ على الضمانات التي تحمي حياة الإنسان وكرامته المنصوص عليها في الدستور والتشريعات الدولية الإنسانية السارية، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
حماية المدنيين من استغلال الإرهابيين في المناطق غير الآمنة.
ان حماية المدنيين الذين يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات كجماعة الانفصالية الإرهابية البوليساريو في منطقة تندوف داخل التراب الجزائري والتنظيمات الإرهابية الأخرى في منطقة الساحل والصحراء، وحماية المدنيين من الاستغلال والاتجار بالبشر بتمكينهم من المساعدات الإنسانية والطبية عن طريق منظمات محايدة وغير متحيزة.
التأطير الديني والتربوي التعليمي.
إن مكافحة الإرهاب أيضا يمكن من خلال التأطير الديني والاهتمام بحاملي الثقافة الدينية وحمايتهم من الغلو أو التعصب الديني أو التأثر ببعض المفسرين غير الرسميين، إضافة الى اعداد برامج تربية الأطفال وحمايتهم من الاستغلال والتسلح وعدم السماح بنشر صور بطولية عبر فيديوهات تظهر تسليح الأطفال عبر مواقع التواصل الاجتماعي كأحد الفضاءات التي تبين التناقض بين الاعتبارات الإنسانية والأمنية غير المبررة للتلاعب بحقوق الطفل، كما أن صمت المجتمع الدولي حول الأطفال المرتبطين ببعض الجماعات الإرهابية.
وتجدر الإشارة إلى أن تزايد بواعث القلق بشأن القيود المفروضة على المساعدات المقدمة من أجل مكافحة الإرهابيين، حيث أن التأخير له عواقب غير مقصودة، وقد لا تتوافق مع المبادئ الإنسانية. ويخشى البعض من هؤلاء العاملين في المجال الإنساني من الملاحقة القضائية بسبب تقديمهم المساعدة المنقذة للحياة لمن يوصفون بأنهم إرهابيون.
هذا ورغم مرور المغرب بمحطات مهمة في مكافحته للتنظيم الإرهابي، تتمثل المحطة الأولى في الاجتماع الإقليمي للمديرين السياسيين للتحالف الدولي ضد “داعش” في مدينة الصخيرات، في يونيو 2018، الذي سعى من خلاله إلى تعزيز التنسيق والتعاون بين دول “تجمع الساحل والصحراء” و”التحالف الدولي ضد داعش”.
والمحطة الثانية جرت في يونيو 2021 وتجلَّت في احتضان المغرب للمكتب الإقليمي لمحاربة الإرهاب في إفريقيا التابع لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، بهدف تطوير وتنفيذ برامج لتعزيز قدرات ومهارات الدول الإفريقية فيما يتعلق بأمن الحدود، والتعاون الجنائي وإدارة السجون، وتفكيك التطرف العنيف عبر التأهيل وإعادة الإدماج.
والمحطة الثالثة جرت في ديسمبر 2021، أُعلن عن إنشاء مجموعة التركيز الخاصة بإفريقيا Africa Focus Group بقيادة مشتركة بين المغرب والنيجر وإيطاليا وأميركا، دورها إجراء تقييمات مستمرة للتهديدات الإرهابية، وبناء القدرات المدنية للمساعدة في مكافحة الإرهاب، وتنسيق هذه الجهود مع المبادرات القائمة في الميدان.
ثم المحطة الرابعة التي جرت في ماي 2022 والمتمثلة في انعقاد المؤتمر الوزاري لدول التحالف في مراكش حول العناصر الجديدة في خطة التحالف الدولي ضد داعش في إفريقيا، لمكافحة الإرهاب وفق أهداف جيواستراتيجية لمنطقة الساحل والصحراء. لكن رغم كل هذا يبقى موضوع الإرهاب مرتبط بسياق دولي معقد تتشابك فيه المصالح ويخضع فيه الاستقرار لنظرية المؤامرة التي قد لا تجد غير العمل الإرهابي وسيلة أخرى لضربه وتبليغ رسالة دموية وغير أمنية للاحتجاج على أمر قد يكون موضوع صراع اقتصادي او سياسي او ديني.
الدكتور أحمد درداري أستاذ التعليم العالي بجامعة عبد الملك السعدي
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات بمرتيل

pellencmaroc
playstore

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WeCreativez WhatsApp Support
فريق صفروبريس في الاستماع
مرحبا