
تشديد السفير الفرنسي في الجزائر على مسؤولية باريس في تنفيذ القرار الاممي 2797 واستعداد بلاده لفتح نقاش مع الجزائر حول تداعياته، يمكن فهمه في سياق دولي يتجه نحو ترسيخ هذا القرار باعتباره مرجعية اساسية في تدبير ملف الصحراء. فالتصريح لا يعكس فقط موقفا دبلوماسيا، بل يندرج ضمن مسار اوسع لتعزيز حضور القرار وتأكيد الزامية مقتضياته لجميع الاطراف.
اولا، التأكيد الفرنسي على “تنفيذ القرار” يعكس تمسكا واضحا بالمسار الاممي باعتباره الاطار الوحيد المعتمد دوليا. فرنسا، بصفتها عضوا دائما في مجلس الامن، تدرك ان القرار 2797 يمثل امتدادا لسلسلة من القرارات التي تؤكد على حل سياسي واقعي وتوافقي، وعلى دعم متواصل لبعثة المينورسو. ومن ثم، يظهر موقف السفير كاشارة الى ان باريس ملتزمة بتثبيت هذا المسار وعدم الخروج عن نطاق المرجعية الاممية.
ثانيا، استعداد فرنسا لفتح نقاش مع الجزائر حول تداعيات القرار لا يعني مراجعة مضامينه، بل يمكن النظر اليه كجزء من جهود لشرح مضامينه وطمأنة الاطراف الاقليمية حول ان التنفيذ سيتم ضمن ما تنص عليه الوثيقة الاممية نفسها. وهذا يعكس مقاربة ترسخ فكرة ان القرار هو قاعدة مشتركة يجب التعامل معها بقدر من الواقعية والمسؤولية.
ثالثا، يعكس التصريح رغبة فرنسا في ضمان انتقال سلس نحو مرحلة جديدة من تفعيل المقتضيات الاممية، خاصة ان القرار 2797 يندرج في سياق تطور تدريجي في لغة مجلس الامن، التي باتت تركز اكثر على الحلول العملية والابتعاد عن الصيغ التقليدية التي لم تعد موضوع توافق دولي واسع. وبالتالي، فان موقف باريس يشير الى دعم هذا التطور لا الى التراجع عنه.
رابعا، قد يكون الخطاب الفرنسي موجها كذلك الى المجتمع الدولي، اكثر منه الى الجزائر فقط، من خلال التأكيد على ان باريس لن تتخلى عن دورها في مواكبة تنفيذ القرارات الاممية المتعلقة بالصحراء المغربية. وهذا يدخل في سياق رغبتها في الحفاظ على موقعها داخل الترتيبات الدولية الخاصة بالمنطقة.
خامسا، من المهم ملاحظة ان حديث السفير لم يتضمن اي اشارة الى امكانية اعادة النظر في مضامين القرار، بل ركز فقط على مسؤولية التنفيذ، وهو ما يعزز القراءة القائلة بان فرنسا تفضل الحفاظ على استقرار المرجعيات الاممية وتشجيع الاطراف على التعامل معها باعتبارها اطارا ثابتا.
في النهاية، يمكن القول ان تصريح السفير الفرنسي يعكس دعما واضحا لمسار تثبيت القرار الاممي 2797، عبر تأكيد الالتزام الدولي بتنفيذه وتشجيع الاطراف على التعامل معه باعتباره المرجعية المعتمدة لحل النزاع. وهذا يؤشر على اتجاه عام نحو تقوية الدور الاممي وضمان استمرارية الخطوات التي ارساها مجلس الامن في السنوات الاخيرة.



