يحتفل المغرب غدا، الجمعة 14 غشت، بذكرى استرجاع إقليم وادي الذهب إلى حظيرته، ما يشكل دينامكية متجددة لتحصين وحدة أراضيه، والدفع بعجلة التنمية بالأقاليم الصحراوية، التي شهدت تحولات إنمائية جعلت منها قطبا فاعلا وأساسيا في التنمية الاقتصادية ما يتماشى مع عقلانية المقترح المغربي بشأن أزمة الصحراء.
وتشكل ذكرى استرجاع المغرب لإقليم وادي الذهب التي يخلدها الشعب المغربي في 14 غشت من كل سنة، مناسبة لاستحضار محطة تاريخية كبرى في ملحمة الوحدة وتكريس لمسار تنموي متواصل امتد على مدى 36 سنة.
ويستحضر المغاربة وهم يخلدون الجمعة ذكرى ضم الصحراء جملة من الدلالات القوية التي تجسد عمق ومتانة الروابط التاريخية القائمة بين المغرب وصحرائه، في تماسك ظل على امتداد قرون من الزمن، السمة البارزة في تعامل المغاربة قاطبة مع محيطهم الطبيعي في بنيته الجغرافية والقبلية والثقافية والسياسية المتماسكة.
ويرى مراقبون أن عقلانية ونجاعة المقترح المغربي بشأن الصحراء له انعكاسات ايجابية على الأقاليم الصحراوية في ظل وجود رؤية مغربية ثابتة لزيادة حجم المشاريع التنموية في هذه المناطق.
ويعيش إقليم وادي الذهب، منذ استرجاعه تطورا ملموسا في مختلف المجالات ذلك أن المستوى المعيشي لسكان الإقليم انتقل إلى مراتب متقدمة، قياسا بما كان عليه قبل 36 سنة، وهو تطور مرتبط بالنمو السكاني الذي عرفه الإقليم بسبب تنامي فرص الشغل فيه، وانتقاله من نقطة عبور، كما كان عليه الأمر خلال الاحتلال الإسباني، إلى مركز حضري جاذب للاستقرار.
وتعززت المنجزات التنموية بالإقليم خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بمشاريع أخرى همت قطاعات الإسكان والسياسة العمرانية، حيث خصصت لها استثمارات تتجاوز قيمتها مليار و500 مليون درهم ، لتصحيح الاختلالات وتحقيق تنمية ترابية متوازنة ، وذلك من خلال تفعيل عدة برامج جديدة في إطار مقاربة استباقية تروم التأهيل الحضري وتصحيح ما يمكن تصحيحه في النسيج العمراني.
وقال خبراء إن المغرب وضع سياسة تنموية موسعة للنهوض بالأقاليم الصحراوية يبين حكمة المقترح المغربي بشأن تسوية نزاع الصحراء مع جبهة البوليساريو ويكشف مدى حرص الرباط على تكريس المساواة بين الجنوب والشمال.
وتقترح الرباط، في محاولة لتسوية نزاع الصحراء الذي بدأ عام 1975 بعد خروج إسبانيا من المنطقة حكما ذاتيا موسعا للإقليم وهو ما ترفضه جبهة البوليساريو مطالبة بالاستقلال عن المغرب.
وفي نونبر 2014، حسم الملك محمد السادس موقف بلاده من هذا الملف بشكل قاطع ونهائي لا رجعة فيه وقال في خطاب له، “إن الصحراء ستظل تحت السيادة المغربية إلى الأبد، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها”.
وجدد الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة ذكرى عيد العرش، الدعوة إلى “مواصلة اليقظة والتعبئة الجماعية، واتخاذ المبادرات اللازمة، لاستباق مناورات الخصوم” مؤكدا جلالته أنه لا مجال “للانتظار أو التواكل، ولردود الفعل”.
وقال الملك “كما نؤكد التزامنا بمبادرتنا بتخويل أقاليمنا الجنوبية حكما ذاتيا، وهي المبادرة التي أكد مجلس الأمن مرة أخرى، في قراره الأخير، جديتها ومصداقيتها. غير أننا لن نرهن مستقبل المنطقة، بل سنواصل أوراش التنمية والتحديث بها، وخاصة من خلال المضي قدما في تفعيل النموذج التنموي لأقاليمنا الجنوبية، بما يقوم عليه من مقاربة تشاركية، وحكامة جيدة، ومن برامج متكاملة ومتعددة الأبعاد، كفيلة بتحقيق التنمية المندمجة”.
وتعد هذه الذكرى تجسيد لروح الاستمرارية في التعاطي بحكمة وتبصر وبعد نظر مع قضية الوحدة الترابية للمملكة، التي يشكل فيها يوم 14 غشت من سنة 1979 تجليا قويا لمتانة وعمق الروابط التاريخية القائمة بين شمال المغرب وجنوبه، في تماسك أبدي طبع تعامل المغاربة قاطبة مع محيطهم الطبيعي والجغرافي بكل مكونات بنياته الثقافية والاجتماعية والسياسية.
وحققت مدينة الداخلة قفزة في مجالات الاقتصاد والتعمير والحقل الاجتماعي حيث أصبحت من بين الأقطاب الحضرية الكبرى بالأقاليم الجنوبية للمملكة .
وتتواصل بمدينة الداخلة عاصمة جهة وادي الذهب تحت قيادة الملك محمد السادس، مسيرة البناء والتشييد وصيانة وحدته الترابية في تعبئة تامة للمغاربة لتثبيت الوحدة الراسخة في ظل الإجماع الوطني من طنجة إلى الكويرة للذود عن حوزة الوطن والدفاع عن مقدساته.