صفرو

ظاهرة الترحال السياسي بصفرو : رهانات المصالح أم أزمة قيم ؟

تقرير صفروبريس

يشهد إقليم صفرو، عكس كل الأقاليم المغربية، انطلاق التسخينات الانتخابية قبل أوانها بسنتين أو أكثر وهو ما تجلى في ظاهرة الترحال السياسي التي باتت تؤثر بشكل مباشر على المشهد الحزبي المحلي وعلى ثقة المواطنين في الفعل السياسي، حيث لاحظ المواطنون كيف يتنقل بعض السياسيين بين الأحزاب، بحثًا عن مواقع أكثر أمانًا وفرصٍ انتخابية أو نفوذ سياسي أكبر، في مشهد يعكس إشكالية عميقة تتجاوز الأفراد إلى بنية العمل الحزبي نفسه.

الانتقال المتكرر لبعض الأشخاص والمنتخبين من حزب إلى آخر يطرح تساؤلات جوهرية حول مدى التزام هؤلاء بالبرامج السياسية والأيديولوجيات التي يفترض أن تشكل جوهر العمل الحزبي. فبينما يبرر البعض هذا السلوك بكونه “تكتيكًا سياسيًا” يستهدف محالة “الرحل”  ضمان حزب يتحكمون فيه على هواهم، يرى مواطنون ومتابعون أن الأمر يعكس انعدام الالتزام بالمبادئ، ويجعل من الأحزاب مجرد أوعية انتخابية، لا تحكمها قناعات سياسية حقيقية بقدر ما تحركها المصالح الشخصية.

يقول أحد سكان صفرو، في تصريح لصفروبريس، إن “الذين يغيرون الأحزاب كما يغيرون قمصانهم لا يمكن أن يكونوا أمناء على تمثيل المواطنين أو الدفاع عن قضاياهم”، مضيفًا أن هذا السلوك “يعمّق أزمة الثقة بين المواطن والسياسة”.

إحدى أبرز تداعيات هذه الظاهرة هي تعميق العزوف السياسي، حيث يشعر المواطن أن الانتخابات ليست سوى لعبة مصالح يتقنها بعض السياسيين، مما يقلل من إقباله على صناديق الاقتراع. وحسب متابعين للشأن المحلي، فإن العديد من الشباب بصفرو يعبرون عن فقدان الأمل في المشهد السياسي المحلي، معتبرين أن “الأحزاب لا تفرز قيادات ذات مصداقية، وإنما تُفتح أبوابها حسب منطق الولاء والقدرة على جلب الأصوات بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، بغض النظر عن المبادئ”.

ويرى المحلل السياسي محمد.ع أن “ترحال السياسيين والمنتخبين لا يعكس فقط أزمة أخلاقية في السياسة، بل يكشف أيضًا عن غياب إصلاحات قانونية صارمة تحد من هذه الظاهرة، رغم بعض المحاولات التشريعية للحد منها”، مشيرًا إلى أن “غياب آليات للمحاسبة داخل الأحزاب نفسها يجعل المنتخبين أحرارًا في التنقل دون مراعاة ثقة الناخبين الذين صوتوا لهم تحت يافطة سياسية معينة أو كمستقلين”.

بالموازاة مع ذلك، يرى فاعلون مدنيون أن الحل يجب أن يكون أيضًا ثقافيًا وتوعويًا، عبر تعزيز الوعي السياسي لدى الناخبين، وتمكينهم من مساءلة المنتخبين ومحاسبتهم على قراراتهم، حتى لا تبقى الأحزاب واللوائح مجرد “محطات عبور” للمناصب والمصالح.

يبقى الترحال السياسي بصفرو، جزءًا من أزمة أعمق تتعلق بغياب ثقافة الالتزام السياسي لدى بعض الفاعلين فهناك في صفرو من انتقل في ظرف أربعةأشهر من أزيد من 4 أحزاب ويوثقون ذلك على انها إنجازات في حين أنهم يساهمون في ضرب المشهد السياسي المحلي، وبضعف الأطر القانونية التي تحدّ من هذه الظاهرة. وفي ظل استمرارها، يظل المواطن هو الخاسر الأكبر، حيث تتراجع ثقته في الأحزاب والعملية الديمقراطية، مما يكرّس العزوف السياسي ويضعف المشاركة الفعالة في تدبير الشأن العام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WeCreativez WhatsApp Support
فريق صفروبريس في الاستماع
مرحبا