هااااام للطلبة والتلاميذ…من أجل استعداد ناجح للعام الدراسي الجديد

في مطلع العام الدراسي تبدأ الاستعدادات المكثفة لدخول مدرسي يتطلع الجميع أن يكون ناجحا، تتجدد فيه الرغبة في النجاح والتفوق والأمل في مستقبل أفضل، ولأن الاستعداد عملية متكاملة تتداخل فيها عدة مهام ومؤسسات من جهة والمتعلم – المحور- من جهة أخرى فإن هذا المقال الموجز يتناول بعض الإجراءات ذات الأولوية لضمان استهلال جيد لعام دراسي نرجو أن يكون مآله دعم التحصيل ونجاعة النتائج.
دور الأسرة
إن ما يبذله الوالدان من جهود مضنية ومسؤوليات في الدخول المدرسي يكاد لا يوازيه تعب مماثل، وذلك حرصا منهم على توفير المتطلبات المادية ( أدوات مدرسية، ألبسة، لوازم التسجيل…) لكن معاناة غير هينة تواجههم وتتعلق بالجانب النفسي للأبناء، وأقصد صعوبة تأقلم هؤلاء مع المواقيت الجديدة للمدرسة بسبب ما تعودوا عليه من السهر في أيام العطلة والنوم بالنهار وهنا مكمن التحدي لإجبار الأبناء على الاستيقاظ، وغير خاف أن للسهر تاثيره السلبي على تركيز المتعلم وعلى أعصابه لذلك فإن فئة عريضة من التلاميذ يعانون في الأسابيع الأولى من الإرهاق وضعف التركيز في الفصل الدراسي.
إن هذا الوضع يزيد العبء على الأسرة من المادي إلى المعنوي، وكأن الضغوط المادية لا تترك مجالا لعناية بالجانب النفسي، فيبدأ الوالدان في لوم أبناءهم على نقص الجدية بعد توفير العدة المادية. لكن لابد من التنبه هاهنا إلى دور فعال للأسرة في هذه المرحلة من الدراسة وهي أن تبذل أقصى الجهود – أكثر مما هو مادي – لتحبّب التعلم والمدرّس والمدرسة لأبناءها وترغبهم في تجديد النية والعزم على النجاح وتوجه عنايتهم إلى التقليل من مشاهدة التلفاز والانغماس في الأجهزة الالكترونية. لأن مهنة التلميذ لها خصوصيات من حيث الالتزام بالمواعيد والتكاليف المدرسية وملء الوقت الحر ( الفراغ) بما يدعم ثقافة التلميذ وينمي رصيده. مع تخصيص مكان ثابث للدراسة يكون خاليا من المشوشات البصرية أو السمعية التي تؤثر على تركيز المتعلم وتأمله، وليطلق على هذا المكان اسم – يكتب بخط بارز- ” ركن الإنجازات” ، وغاية ذلك جعل بداية العام الدراسي جيدة سعيا لتكون نهايته – بعون الله- جيدة كذلك.
بهذه النظرة التفاؤلية والتفكير الإيجابي يكون المتعلم جديرا بأن يحدد رؤيته الدراسية ، ومعلوم أنه بتحديد الرؤية يتحدد الهدف وبتحديد الهدف يتضح المسار، ويترجم ذلك في خطة عملية للعام الدراسي. أما أولئك التلاميذ الذين يكرّرون السنة فإن دور الأسرة مركزي في إثارة تفكيرهم إلى مبدأ فكري إيجابي وصيغته ” ليس هناك فشل ولكن تجارب وخبرات” فإذا استطاع المتعلم أن يقف مع ذاته وقفة تأملية يحدد فيها العوامل التي ستساعده على النجاح وحدد بدائل مناسبة، فإن ذلك يذكي إقباله على المدرسة برغبة متجددة تعينه على التغلب على صعوبات التعلم من أجل النجاح والصلاح.
دور المتعلم والمدرس
لمّا كان تجدد الحياة عموما والأمل في النجاح خصوصا ينبع من داخل النفس فإن واجب المتعلمين والمتعلمات أن ينطلقوا ابتداء من التفكير الإيجابي الذي يرسخ الاقتناع بالقدرة على التغيير نحو الأفضل. وهي مقومات تنمية ذاتية باعثة على الجمع بين الدافعية للتفوق وتفعيل إجراءاته العملية من خلال خطة مكتوبة يتم رسم معالمها قبل بداية الدراسة، لأنها ستساعد التلميذ على رصد المحطات والأنشطة والمهام المطلوبة منه في توقيتها المحدد مراعيا التوزيع المحكم للزمن المدرسي الذي يعد رأسمالا ثمينا في الحياة الدراسية.
ويجدر الذكر هنا أن التخطيط الأسبوعي أفضل من التخطيط اليومي لأن الأول يسمح بالتركيز على الرؤية الأوسع والمنظور الشامل لما تقوم به، ومفتاح ذلك أن تفكر في أهم شيء في حياتك من خلال الإجابة الواضحة والصريحة على الأسئلة التالية:
– ما هي الأشياء والقيم الأهم – أكثر من مهمة – وذات الأولوية في حياتك؟
– ماذا تريد أن تكون؟ وكيف ستصل إلى مرادك؟
– ما العلاقات التي تحظى لديك بالأهمية القصوى ؟ ولماذا ؟ وكيف تدبّرها؟
– ما هو الأمر الجوهري الذي يعطي معنى لكل ما تقوم به في حياتك وعلاقاتك؟
تساعدك الإجابات على هذة التساؤلات في الإحساس بالأمن الذاتي الذي يجب أن ينبع من داخلك وليس من الأسلوب الذي يعاملك به غيرك أو من مقارنة نفسك بالآخرين، وإنما من القوة الذاتية التي مصدرها إيمانك بقدراتك وتوكلك على الله سبحانه وتعالى، وكذا من استخداماتك الإيجابية للعقل الذي ينمو بالاستعمال وينقص بالإهمال.
وأما الأدوار التربوية للمدرس فهى ذات جدوى وإفادة لا غنى عنها وتكمن في توجيه المتعلم للاستعداد الحيوي من خلال بناء جسور الثقة والتواصل الفعال وإرساء قواعد الاحترام المتبادل والتأكيد على أهمية القيم التربوية في التفوق، غاية ذلك ومبتغاه إدخال الفرحة في قلوب التلاميذ لإقامة علاقات إيجابية مع الوسط المدرسي بدل لغة الصرامة والتخويف لأنها تبعث على التشاؤم ويعتبرها المتعلم تحضيرا للمواجهة.
ذلك لأن المدرس المؤثر هو من ينجح في إثارة دافعية المتعلم لتلقي رسائله المعرفية والتربوية، ولا يتمكن من إثارة الدافعية إلا من يمتلكها ويبدي حيوية في تصريفها في الممارسة الصفية. ومن خلال أجوبة الكثير من التلاميذ عن سؤال مواصفات المدرس الجيد يتبين لي أن جملة الصفات تتركز في :
– التمكن المعرفي والبيداغوجي من تخصصه.
– التمكن من إدارة الحوار الصفي وقبول الاختلاف.
– تيسير عملية التعلم وتدعيم التعلم الذاتي.
– فهم خصوصية المتعلم واعتماد الاحترام المتبادل منهجا في التواصل.
دور الإدارة التربوية
تتعدد مهام الإدارة التربوية لإنجاح الدخول المدرسي وأشير هاهنا إلى بعضها
مركزا على العلاقة التواصلية مع الأسرة واستثمار النتائج السابقة للمتعلمين ومن ذلك:
– عقد ندوات ولقاءات تواصلية مع الآباء والأمهات وأولياء الأمور لاطلاعهم على مشروع المؤسسة ورؤيتها ورسالتها وأهدافها الإجرائية، وبحث أوجه التعاون والتكامل بين المؤسستين لأن الهدف المشترك بينهما دعم مدرسة النجاح.
– تكريم المتفوقين وتثمين جهود المدرسين.
– دراسة نتائج العام الماضي وترصيد نقط القوة والضعف واقتراح إجراءات بديلة من أجل جودة التحصيل ورفع نسبة النجاح.
حاصل الكلام أن هذه الإجراءات تمكّن المتعلم من انطلاقة موفقة للعام الدراسي ، ولا يخفى أن البداية الجيدة للدراسة يكون مآلاها – بعون الله – نهاية الموسم بحصيلة علمية واعدة ونتائج سارة. والله أعلم وأحكم.