البنيان المرصوص هو الاسم الذي أطلقته سرايا القدس، الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي، على عمليات المقاومة الفلسطينية في مواجهة عملية الجرف الصامد، وهو الاسم الذي أطلقه العدو الإسرائيلي على عملياته العدوانية في قطاع غزة.
لعل سرايا القدس قد أطلقت هذا الاسم القرآني تيمناً بقول الله عز وجل “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ“، فالله يمنح نصره للمتعاضدين المتكاتفين، والمتعاونين المتراصين، وللموحدين المتفقين، ولمن اتحدت كلمتهم، واتفقت إرادتهم، وصفت نفوسهم، وسمت أرواحهم، وتعالوا على كل خلافٍ واختلاف، لكن نصر الله بعيدٌ عن المختلفين، وممنوعٌ على المتخاصمين، وصعبٌ على المتنازعين، ولا يكون للفرقاء المتشاكسين، ولا للأخوة المتعارضين المتناكفين.
الجرف الصهيوني العدواني على قطاع غزة يؤكد صدقية معركة البنيان المرصوص، ويوجب عليها أن تكون كذلك، إذ لا سبيل لصد العدوان بغيرها، ولا قدرة على مواجهته بدونها، لذا فإن فصائل المقاومة الفلسطينية قد اتفقت جميعها على الهدف، والتقت على وجوب مواجهة العدوان الإسرائيلي، وعدم الالتفات إلى أي خلافاتٍ قد تؤخر المواجهة، أو تمنع الصد، أو تؤثر في الرد، فالشعب الفلسطيني في حاجةٍ إلى جهود الجميع، وقدرات كل القوى والفصائل.
تأكيداً على هذه التوجيه والنصح الرباني، فإن الميدان في قطاع غزة مفتوحٌ لكل القوى، وجاهزٌ لاستقبال كل الفصائل، ويستوعب كل الطاقات والقدرات، فهذا يومها الذي يجب أن تتنافس فيه وتتبارى، وأن تعطي وتقدم، وأن تخرج ما عندها، وأن تستخدم أقصى ما لديها، وألا تدخر جهداً في مواجهة العدو وصد عدوانه، ففي مثل هذا اليوم نري الله أعمالنا، ويشهد على صدقنا وإخلاصنا بعد الله شعبُنا وأهلُنا.
معاً كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وسرايا القدس الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي، وكتائب شهداء الأقصى الجناح المسلح لحركة فتح، وكتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الجناح المسلح للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكتائب الشهيد أبو الريش التابعة للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وألوية الناصر صلاح الدين الجناح المسلح للجان المقاومة الشعبية، وغيرهم من الألوية والقوى والكتائب والمجموعات العسكرية.
هذه معركة البنيان المرصوص، والله عز وجل يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً واحداً كالبنيان المرصوص، وإننا نقاتل في سبيل الله، ونبغي وجه الله، ونتطلع إلى صد الاعتداء، وكف البغي والعدوان، والدفاع عن شعبنا المظلوم، ورد الأذى عنه، والعمل على استعادة حقوقه، وتحصين حدوده، وإعلاء أسواره، لئلا يعتدي عليه العدو من جديد، وحتى يعلم أن كلفة غارته عالية، وفاتورة اعتداءاته كبيرة.
ولنعلم أن العدو الصهيوني ماضٍ في توحشه، ومصرٌ على همجيته، وهو مدعومٌ من حلفائه، ومسكوتٌ عن سياساته، وأنه سيواصل عدوانه، وسيستمر في غاراته، ولن يتوقف عن هجماته، إلا إذا شعر أنه يواجه صخرةً صماء، ويستهدف جبلاً أشماً، وأن كل قوته لا تكفيه لتحقيق النصر، أو كسر الخصم، فلنكن نحن بوحدتنا الصخرة التي تتكسر عليها معاوله، والجبل الذي يصده ويمنعه من شعبنا.
أيتها الفصائل والقوى، وأيتها الكتائب والألوية، هذا يومٌ من أيام الله المجيدة، يومٌ سيحفظه التاريخ، وستكتب فيه أعمالكم بمدادٍ من دم، وستبقى صفحات المقاومين سطوراً من ذهب، ناصعةً يخلدها الشعب، وتحفظها الأمة، فلا تخذلوا شعبكم، ولا تخيبوا رجاءه، وكونوا على قدر الآمال المنوطة بكم، والأماني المتعلقة بأعمالكم، وأروا الله خير جهادكم، وعظم مقاومتكم، وكونوا صفاً واحداً في مواجهة العدوان والغطرسة، ونسقوا جهودكم، ووحدوا عملكم، وتبادلوا الخبرات، وقدموا لأنفسكم المساعدات، إذ بوحدتكم نفل حديد العدو، ونعطل دباباته، ونفشل غاراته، ونمزق جمعه، ونشق صفه، ونؤذيه ونؤلمه، ونوجعه ونكسره.