لم تكن الكلمة الأولى في نزول القرآن الكريم عبثا أو مجرد مصادفة، بل ذلك نابع من تدبير حكيم عليم. ولم تكن أفعال الأمر:”تعلم” أو” تعرف” أو” تثقف” عوضا عنها وإنما بلفظ القراءة وردت وتبعها ذكر القلم إيذانا بالوسيلة التي تجعلنا نقرأ فلو لم تكن هناك كتابة بالقلم ما تمكنا من القراءة.
وسيلة القراءة كانت وستبقى الوسيلة المثلى والنموذج المحتذى لطلب العلم والاستفادة من أمهات الكتب والمراجع.
ويدور الزمن دورته ويتم ابتكار عشرات الوسائل والوسائط لتلقي المعلومة وتحصيل المعارف ويأتي النيت والشبكة العنكبوتية لتغطي على ما سواها من مصادر المعلومة وتعتمد وسيلة الوايفاي وغيرها لبث النيت على أوسع نطاق.
وللنهل من الكتاب لابد من شروط تنم عن عزة الكتاب وسؤدده ووقاره:
لا يمكن للكتاب أن يهبك نفائسه ويمنحك ذخائره إلا في جو من السكينة والراحة والهدوء في غياب تام عن المشوشات والانشغالات ، ويزيد في تمنعه ودلاله باشتراطه الماء والخضرة والمساحات الخضراء والمروج الغناء . هذه الشروط لا يمكن الاستغناء عنها إذا ما وددت فهما واستيعابا لمضامين الكتاب وأفكار مؤلفه. في مقابل الوسائط الحديثة التي لا يمكن أن تشتغل إلا في ظل الضوضاء والموجات الكهرومغناطيسية والدبدبات الراديوية ولنفرض أن جهاز الويفي يوجد في مكان هادئ ومريح إلا أن الموجات المصاحبة له والمنبعثة منه لها تأثير بالغ على مخ المستفيد منه وخاصة عند النوم.
وكم من صاحب جهاز يجعله عند رأسه في صالة نومه يشتغل 24/24 دون توقف. ولذلك كثر الشرود لدى الصغار والكبار وسادت قلة التركيز وقل النوم الهادئ المريح والنافع وانعكس ذلك على الجانب الصحي، و بات المرء معرضا للأمراض بسبب ضعف المناعة .
لقد قام عدد من الباحثين في هولندا بدراسة إشارات الواي فاي اللاسلكية بسبب مسئوليتها عن تدهور حالة الأشجار حيث إن العديد من الأشجار أصابها التصدع و التعرج لذلك قام الفريق البحثي بدراسة إشارات الواي فاي و ربط ذلك بصحة الأشجار قاموا بعمل تجربة معملية بوضع إشارات واي فاي في ممر الأشجار و وضع أشجار أخرى لا تتعرض للأشعة وجدوا بعد ثلاثة أشهر أن الأشجار التي تعرضت للأشعة سقطت أوراقها بالإضافة إلى وفاة خليات النحل فكيف يكون التأثير على صحة الإنسان .؟(1)
وفي بحث ميداني قامت به هيئة الإذاعة البريطانية bbc انتهى إلى أن الأشعة الصادرة من شبكات الواي فاي أضعاف الأشعة الصادرة من الهواتف المحمولة بثلاث مرات كما أن معدل الإشعاع اقل 600 مرة من الحد الصحي. اختلفت الآراء حول مدى الخطورة و التأثير، هناك أقوال تؤكد بأن الجلوس بجانب الواي فاي لمدة عام كامل يعادل مكالمة تلفونية مدتها 20 دقيقة و لكن في دراسات أخرى قالت إن استخدام الرجال لأجهزة اللاب توب المتصلة بشبكات الواي فاي تؤثر على الخصوبة خصوصًا في حالات وضع الجهاز على الأرجل حيث قال العلماء إن 25% من الحيوانات المنوية تفقد القدرة على الحركة و في أبحاث أخرى قالت إن 9% من الحمض النووي يتعرض للتلف. و لكن المؤكد بالفعل تأثير الشبكات على المخ و الذاكرة خصوصًا لدى الأطفال حديثي الولادة التي تكون المقاومة منخفضة تؤثر الموجات بشكل سلبي على المخ و خصوصًا و الطفل في طور التكوين لذلك التكنولوجيا سلاح ذو حدين .(2).
إذن يبقى التحكم في هذه الأجهزة واستعمالها باعتدال ودون إسراف أو تجاوز، واتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب مضارها، من صميم واجباتنا. ويظل الكتاب شامخا مظفرا يختال متألقا نافعا للبشرية دون أضرار جانبية أو مضاعفات صحية.
فلنحتفل دوما بأول كلمة نزلت في القرآن الكريم :
“اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)”
ولنكن قدر مسؤولية أمة إقرأ التي أثبتت الدراسات مع الأسف تدني نسبة القراءة لديها مقابل التهام الكتب لدى أمم أخرى.
ولنعل من شأن القراءة من الكتاب مباشرة فهي صديقة للبيئة منسجمة مع الطبيعة ولنتجنب كثيرا مصادر المعلومة من وسائط ثبت ضررها وليكن أخذنا منها بقدر ما يأخذ المريض من الدواء