رهانات الخيول… أوهام الربح التي تسقط الأسر في الإفلاس !!!

يتجمعون كل صباح بجنبات المقهى لا لاحتساء القهوة فقط وإنما لدراسة البرنامج اليومي لرهان الخيول ، فترى فئات عمرية مختلفة من شيوخ شابت رؤوسهم وشبان في مقتبل العمر ينهمكون في حل معادلات رياضية من نوع آخر ، إنه البحث عن التتابع السليم لأرقام يتوقعونها أنها ستهديهم الفوز ، وقد يضعون أمامهم كؤوسا من الشاي يحوم حولها الذباب دون أن يبالوا بذلك من شدة التركيز على الحظ الذي يأتي أو لا يأتي .
تمر الأيام والشهور بل والسنون على شريحة اجتماعية تهرول يوما بعد آخر وراء ضبط تتابع الأرقام ، وهناك من يسبح به خياله إلى المغامرة في وضع أرقام تلتقطها عيناه بمحض الصدفة من جهات متعددة كرقم سيارة تمر أمامه أو أٍرقام منتوجات تسترقها عيناه من مكان ما ، لكن الكثير يعتقد أن الفوز يكمن ضمن عمليات حسابية يمكن استنتاجها من خلال البرنامج اليومي الذي يحصل عليه من قبل شبابيك هذه الرهانات / الحلم … !!!
الهرولة وراء الحظ الذي يأتي أولا يأتي …
وهكذا يقضي العديد من مزاولي هذا اللعب جل أوقاتهم وراء الجدران يفكون طلاسيم برامجهم التي تحتوي عادة على معطيات مساعدة كأسماء الخيول وعمرها وعدد المرات التي دخلت فيها في الصف الأول وكذا أسماء مدربيها ومعطيات أخرى عن فرسانها ، واعتقد أحد المدمنين في تصريح له قائلا بأن في ذلك خذاع خطير يستعصي اكتشافه من قبل لاعب مبتدئ وهو- يقول المتحدث- من جهة أن القائمين على هذا الرهان بالدول الأوروبية عندما تصلهم إحصائيات الأرقام التي تم التركيز عليها في التذاكير المقتناة ، تثقل الخيول المعول عليها من تحث سروجها بمواد دقيقة وثقيلة حتى تمنعها من العدو بسرعة وحتى لا تدخل في الصف الأول ، فتخلي الحلبة لغيرها فتقل بذلك حظوظ الفوز عكس ما هو معلن في برنامج المعطيات ، ومن جهة أخرى – يضيف اللاعب – أن العديد من مزاولي هذا الرهان تبين لهم أن الفرسان هم الآخرون يتحكمون في الفوز أو عدمه وفقا للتوجيهات التي يتلقونها من قبل مؤسسة الرهان ، ويبقى الذين علقوا آمالهم في الفوز طوال سنوات خلت هم الضحايا لكون أغلبهم أميون … !!!
خيول تنخر جسم التنمية …
تعمل مؤسسات هذه الرهانات على ضمان استمرارها خصوصا في البلدان الفقيرة وذلك بتشهيرها بالفائزين – القلائل- الذين يتمكنون من العثور على الأرقام الرابحة ، ويخلف ذلك صدى في أوساط اللاعبين وغير اللاعبين ويحفز البعض منهم على المضي بشكل مضاعف في هذا المسار لعل الحظ يحالفهم في يوم من الأيام … !!!
وتساهم هذه الرهانات في خلق جيل يسوده الخمول والكسل يطمع دوما في الحصول على الثروات دون بذل أي جهد يذكر ، وهذا ما يساهم في عرقلة عجلة التنمية في البلدان التي تنتشر فيها الألعاب من هذا القبيل ، كما يصاحب ذلك عادات مدمرة للعقول والصحة كالتدخين وتناول المخدرات إما لنسيان صدمات الخسارة أو – كما يعتقد العديد منهم – لتمكينهم من قوة التركيز أثناء اختيار الأرقام …
وأكد أحد العارفين لهذا اللعب في تصريح له لـ “الموقع” أن الأغلبية الذين يعرفهم وسبق لهم أن فازوا بملايين السنتيمات يعيشون اليوم فقرا مدقعا ولا يملكون ولو مسكنا ، ومنهم من باع كل أثاث منزله طمعا في استرداد ذلك فور فوزه ، وقد نتج عن ذلك – يقول المتحدث- مشاكل اجتماعية من طلاق وتشرد ومراكمة الديون على الأسر .
ففي إحدى المقاهي بأولاد تايمة يتجمع العديد من المدمنين على هذا اللعب ، ويفضل الكثير منهم انتظار النتائج أمام المقهى حيث شباك الرهان ، و بعضهم تراه مطروحا على الأرض لكونه لا يتحمل مصاريف المشروبات بالمقاهي ، فيما يجول البعض الآخر ذهابا وإيابا على طول ممر الزنقة ، والمحزن في ذلك المنظر هو مواظبة شريحة مسنة قد تتجاوز الخمسين من عمرها على هذه الآفة التي تدمر العقول بأوهام الربح المريح ، ومنهم من يقضي نهاره بأكمله بجانب الشباك ينتظر النتائج من إحدى القنوات الأروبية التي تبث وقائع سباق هذه الخيول .
يقول ( إ . ل) أحد المتتبعين أن هناك بعض السماسرة الذين يستغلون مزاولي هذا الرهان ، بحيث يزودونهم ببعض الأرقام التي يعتقدونها رابحة مقابل أجرته وهي إحدى النسب المئوية التي يتفقان عليها إذا ما حالفه الحظ ، ويعتمد هؤلاء السماسرة في تحديد هذه الأرقام على البرنامج اليومي حيث يختارون منه رقمين أو أكثر فيضعونها رهن إشارة اللاعبين وقد يحالفهم الحظ في بعض الأحيان …
مدمرات الأسر أنواع…
رهانات الخيول من بين العشرات من الألعاب التي تسمى لدى أصحابها بـ لعب الحظ ومنها ما هي مرتبطة بكرة القدم بحيث يراهن كل لاعب على فوز إحدى الفرق الرياضية أو خسارتها فيقتني تذاكر اللعب من شبابيك خاصة بذلك ، أو في سباقات العدائين حيث يلعب فيها الرهان عند نقط الوصول ومنهم من يراهن على سباق الكلاب بحيث يطلق أمامهم أرنب إلكتروني يدور بالحلبة فتبذل الكلاب جهدها للوصول إليه وترتب في الدورة الأخيرة حسب الأرقام التي تحمل على ظهورها ، هذا فضلا عما يمارسه العديد من أغنياء العالم في العلب الليلية يبذرون فيها أموالا خيالية في الوقت الذي تعيش فيه شرائح اجتماعية أخرى شظف مدقع خصوصا في أرياف وبوادي الدول الفقيرة .
وتشكو العديد من الأسر التي يدمن أربابها على هذه الآفة التي قد تسقطها في دوامة الفقر والتشرد بعد أن كانت مرتاحة في عيشها ، إذ غالبا ما ينتهي مشوار الأسرة التي ابتلي ربها بهذا اللعب بالتفكك بدءا بالصراعات والمشادات بين الأب والأم التي تحاول دوما إنقاذ ما يمكن إنقاذه آملة بذلك أن يكف الأب يوما ما عن هذا الإدمان …