رمضان على الأبواب، وبحلوله تشتاق النفس وتخفق القلوب المؤمنة راجية توبة وغفران، وتطمع في أن تنال من خيره الكبير حظا، ومن نعمه وبركاته نصيبا، ومع اقتراب رمضان يستعد الجميع، أفرادا ومؤسسات وهيئات، الكل يستعد بطريقته، التجار والقنوات والمقاهى والجمعيات ، وتجد البرامج الرمضانية، على طاولة التخطيط ، تختلف باختلاف الهيئات والأهداف والمراد ، ليبقى السؤال المطروح مع أبواب كل صيام، هل نستعدُ لرمضانَ كما ينبغي؟ .
يقول العلماء أن رمضان زمن شريف ، لكنه ليس عصاً سِحرية، حينما يأتى ستجد العيون التى لم تدمع طوال العام تنهمر بالدموع، أو أن الكسل الذى رافق الإنسان طول السنة سيتحول إلى اشتعال إيمانى فى لحظة (ولو أرادوا رمضانَ لأعَدُّوا لَهُ عُدّة)، وهو ما يدفع للسؤال كيف نعد لرمضان وكيف نبرمج له من أجل صيام مأجور وقيام مأجور وصدقة بألف.
يجمع الخطباء والوعاظ والعلماء أن شهر رمضان شهر حياة للقلب، إذا لم يحيا القلب في رمضان فمتى يحيا؟ ومتى تبرأ الروح من دائها إن لم يكن ذلك في شهر الشفاء ، فرمضان أرض مغفرة ارض المغفرة وسوق الرحمات يلزم النزول به استعدادا نفسيا وعمليا وحسيا ، ويلزم فيه تدريب النفس على اقتناص فرصة الأجر المضاعف، يستلزم جلسة تفكر وهدوء مع ورقة وقلم ونية صادقة وأمل .
قال الخطيب والداعية عز الدين توفيق في خطبة الجمعة الأسبوع المنصرم، في معرض حديثه عن الاستعداد لرمضان ،إن الله سبحانه وتعالى جعل السنة كلها وعاء لفعل الخيرات والمنافسة على الطاعات ولكن فاضل بين الأوقات، فجعل بعض الاوقات أحسن من بعض ، وجعل رمضان أفضل الشهور الاثني عشر التي تتكون منها السنة، يستحق ولو بقي بيننا وبينه يوم أن نذكر به، موضحا أن رمضان إذا جاء في صيف فهو صيف وإذا جاء في يوم طويل فهو طويل، إذا لم نذكر به ونستعد له لا نرى أي تغيير في شمسه وقمره وليله ونهاره، مشددا أن التذكيربفضل رمضان يجعلنا نحس أننا في شهر مفضل ومميز، وأن الإنسان حين يستعد يستفيد،وحين يبتلى بالتسويف والتردد إذا جاءه الشيء ضاع منه، مذكرا بضرورة التفكر والاستعداد لكيفية استقباله ومراعاة جواره حتى يرحل، قائلا من الناس من يشفع له رمضان ومنهم من يشكوه.
ودعى الخطيب إلى ضرورة التعرض لما في رمضان من خير، موضحا أن الانسان لا يحصي ذنوبه ولا يخاف منه ولا يشعر بثقله على ظهره وأن الله تعالى جعل رمضان مكفر من رمضان إلى رمضان، واعتبر المتحدث في السياق نفسه ان ما ينبغي أن يكون جديدا هو كيف نستقل رمضان وهل نستطيع أن يكون هذا الشهر أفضل من سوابقه، وأن الوضع السليم أن نكون في زيادة بإنجازات جديدة.
وذكر الداعية أن الله سبحانه وتعالى فضل رمضان بأمرين كبيرين الأول حدث عظيم، والثاني عبادة عظيمة تؤدى فيه، موضحا أن الحدث هو نزول القرآن في رمضان والذي جعل منه شهر القرآن، بالإضافة إلى كون الصيام عبادة مستقلة، وهي ركن رابع من أركان الإسلام الخمسة اختار الله رمضان ليكون محطة لها وبها صار شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار والذكر والدعاء والصبر والشكر وهو شهر التقوى والغفران
وشدد عز الدين توفيق على أن الصوم معناه الإمساك وجوهر الصوم الإمساك والكف عن كل ما لا يليق، وكل ما لا ينفع العبد في دنياه واخراه ، معتبرا أن الشهر ينادي بفعل وترك وينبغي معه الحزم، لا يشفع معه اتباع الناس، داعيا أن يكون الإنسان صاحب قرار وسيد نفسه ، وأن يجعل له مصفاة لما يتلقاه من تلفازومجالس، جاعلا له في ضوء الشرع والدين، منبها أن اصل الاستعداد ترجمة العلم والقول إلى فعل .
ومن جانبها أكدت أمينة الكرعانين استاذة التربية الاسلامية ومهتمة بقضايا الاسرة والدعوة ، في تصريح للتجديد، أن رمضان فرصة مهابة من الرحمان، ونفحات الله في الدهر، معتبرة إياه نفحات الله في عمر الإنسان يجب أن يغتنم للتزود وشحن بطارية الطاقة الإيمانية والتطهر والتنقية
وعن برنامج رمضان ، أوصت أمينة الأسربمجموعة أجراءات عملية يكون لها النفع المباشر في اغتنام بركات رمضان ، من مثل الاعداد المشترك للمائدة والاجتماع ولو ربع ساعة قبل الإفطار حول المائدة من اجل الدعاء بطريقة حرة ، مشددة أن المهم هو اغتنام مواقع الدعاء المستجاب وهو حين افطار الصائم، وأكدت أمينة على ضرورة اعتماد برنامج والحرص على تطبيقه وإيجاد وقت للتفرغ للعبادة .
واعتبرت أمينة الكرعانينن أن الترفيه غير مرفوض، وأن إرضاء الأبناء واجب لكن خطة عمل في رمضان تحترم الحد الأدنى في رمضان، كورد الاسرة ، موضحة أن رمضان فرصة لتمرير وتحويل وتعليم الأبناء القيم، وتعليم الابناء حد ادنى من العادات يعتادون عليها كالصلاة بالمسجد.
وركزت الكرعانين على ضرورة الإكثار من الصدقة موضحة أن الأجور مضاعفةقائلة “لا يعرف أجر الصيام إلا الله” .
ودعت أمينة إلى الإكثار من المبادرة وكثرة التصدق والتقوى والحفاظ على سنة السحورو تنظيم الوقت ما أمكن، وركزت على ضرورة اختيار الاعلام الهادف من اجل عدم إضاعة المقاصد من الصيام.
ونقلت عن أحد العلماء قوله شهر رجب شهر الزرع وشهر شعبان شهر السقي والزرع وشهر رمضان شهار حصاد الزرع ، ومثل شهر رجب كالريح ومثل الشعبان كالغيم ومثل رمضان مثل المطر ومن لم يزرع ولم يغرس في رجب ولم يسقي في شعبان فكيف يريد أن يحصد في رمضان
موضحة أن الله انعم على الإنسان بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى في ايامه كلها وجعل بعض النعم أغلى في أوقات ومناسبات، ورمضان منها قائلة “هو نفحة ربانية علينا التعرض لها والأخذ منها باقصى مقدار بل ان الله تعالى جعل لنا شعبان كدورة تدربية لاستقبال رمضان “مؤكدة أنها محطات للتزود لباقي السنة ومحطات في الوقت نفسه للتطهر والتزكية والتنقية .
وأضافت المتحدثة أن الكيس الفطن من المسلمين من يجعل للقرآن النصيب الأوفى بكثرة التلاوة والفهم وايجاد لذة التدبر وقيام الليل، مشددة على أهمية الصدقة ، موضحة أن الصدقة في رمضان تكون بافطار الصائم واطعام الطعام وبذل المال، مركزة على ان اي خلق كريم في رمضان اجره مضاعف عند رب العباد، مشيرة إلى كون رمضان زمن شريف .