تُعد الثقافة الحسانية جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمغرب، حيث تعكس أصالة وتاريخ الصحراء المغربية. وتبرز هذه الثقافة، بما تحتويه من عادات وتقاليد، كأحد الركائز التي تدعم الوحدة الوطنية وتعزز التلاحم بين مختلف أطياف المجتمع المغربي، خاصة في الأقاليم الجنوبية. وبتوجيهات ملكية سامية، حصلت الثقافة الحسانية على اهتمام واسع للحفاظ عليها وتثمينها كجزء من الهوية الوطنية المغربية الموحدة.
أبعاد الثقافة الحسانية: تُجسد الثقافة الحسانية نمط حياة المجتمع الصحراوي المغربي بما فيه من عادات وأعراف وقيم متوارثة. تبرز في هذه الثقافة قيم الكرم، والتعايش السلمي، والارتباط العميق بالأرض والطبيعة. وتتضمن جوانب متعددة، منها اللغة والتعبيرات الشفهية والأمثال الشعبية، بالإضافة إلى الطقوس الاجتماعية التي تعكس روابط قوية بالتراث الإسلامي والموروثات الإفريقية والعربية. هذه التقاليد الراسخة تتناقلها الأجيال وتعيش معها، ممثلةً الذاكرة الجماعية لأبناء الصحراء.
الدعم المؤسسي للثقافة الحسانية: تولي المؤسسات الوطنية، بدعم من وزارة الثقافة، اهتمامًا خاصًا للثقافة الحسانية من خلال تنظيم المهرجانات والتظاهرات التي تحتفي بهذا التراث. وقد أسهمت هذه المبادرات في إبراز الثقافة الحسانية في مختلف المجالات، سواءً عبر الأدب والشعر أو الفنون التشكيلية والموسيقية. كما خصصت وزارة الثقافة مديريات إقليمية لكل من العيون، وكلميم، والداخلة، بهدف رعاية الثقافة الحسانية والحفاظ عليها، مما ساهم في إحياء الموروثات الفنية والصناعات التقليدية كالفروسية وسباقات الهجن.
جهود صيانة التراث الحساني: تشمل المبادرات الوطنية لحماية الثقافة الحسانية جوانب عدة، منها دعم اللهجات والتعبيرات الشفهية، وكتابة الأدب الحساني، وتطوير الفنون المسرحية والسينمائية التي تروي تاريخ هذه الثقافة وتسلط الضوء على تفاصيل الحياة الصحراوية. ومن أبرز الفعاليات التي تعنى بإحياء هذه الثقافة مهرجان الفيلم الوثائقي الصحراوي الحساني، الذي ينظمه المركز السينمائي المغربي، بالإضافة إلى مهرجانات موسيقية وأدبية في المنطقة، تعزز من حضور الثقافة الحسانية في المشهد الثقافي المغربي.
الأهمية الاجتماعية للثقافة الحسانية: تلعب الثقافة الحسانية دوراً مهماً في تعزيز الوحدة والتقارب بين مختلف فئات المجتمع المغربي. فهي تتيح لأبناء الأقاليم الجنوبية الحفاظ على إرثهم وتقاليدهم، بينما يتم تقديمها لباقي المجتمع المغربي والعالم كجزء أصيل من الهوية المغربية. وتأتي ذكرى المسيرة الخضراء كل عام لتذكير المغاربة بأهمية هذا التراث الصحراوي، وتجديد الالتزام بالحفاظ عليه ونقله للأجيال الصاعدة.
تظل الثقافة الحسانية رمزًا للتنوع الغني للمملكة المغربية، وجسرًا يربط بين الماضي والحاضر في الأقاليم الجنوبية. إن الجهود الرامية إلى تثمين هذه الثقافة والحفاظ عليها تعزز من قيم الوحدة والانتماء، وتجعلها جزءاً حيوياً من الهوية الوطنية المغربية.