المغرب

فضيحة بيع شهادات الماستر بجامعة أكادير تكشف فسادًا ممنهجًا في التعليم العالي المغربي

ضربت فضيحة مدوية أروقة الجامعة العمومية المغربية، بعدما تم توقيف أستاذ جامعي بمدينة أكادير بتهمة بيع شهادات الماستر مقابل مبالغ مالية، في واحدة من أبرز قضايا الفساد التي أعادت إلى الواجهة واقع الانحراف الذي ينخر قطاع التعليم العالي بالمملكة.

المعني بالأمر، المعروف في الأوساط الجامعية، كان حسب العديد من الشهادات، يمارس هذا النشاط غير القانوني منذ سنوات دون رادع، رغم تكرار الشكايات ضده أمام المحاكم، والتي لم تسفر عن نتائج تُذكر، بحسب ما أفاد به محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، في تصريح صحفي.

لماذا اليوم؟

يتساءل الغلوسي: “لماذا لم يتم توقيف هذا الأستاذ إلا اليوم رغم أن ممارساته كانت معروفة؟”، ويجيب قائلاً: “لأنه تجاوز كل الحدود وأصبح حديث العام والخاص، ووصل إلى نقطة اللاعودة”.

فساد ممنهج لا استثناء معزول

ويؤكد المتحدث أن ما وقع في أكادير ليس حالة شاذة، بل يكشف فسادًا هيكليًا ينخر الجامعة المغربية منذ سنوات. ويضيف: “هي قضية كشفت المستور فقط. الجميع يعلم أن الفساد منتشر في مؤسسات التعليم العالي، من صفقات مشبوهة إلى بيع النقاط والشهادات مقابل المال أو حتى علاقات مشبوهة”.

الغُلوسي ذكّر أيضًا بقضية سابقة خلال فترة الوزير عبد اللطيف ميراوي، تتعلق بصفقة تموين مشبوهة قُدرت بـ62 مليون سنتيم، والتي لم تُفتح فيها أي تحقيق قضائي، كما لم يُصدر أي بلاغ يوضح مآلها، رغم الجدل الذي أثارته.

الجامعة العمومية في مرمى الانهيار

وحمّل الغلوسي جزءاً من مسؤولية تدهور وضع الجامعة إلى طريقة تعيين العمداء ورؤساء الجامعات، والتي تتم وفق منطق الزبونية والحسابات السياسية لا بناء على الكفاءة أو الاستحقاق الأكاديمي. وأضاف: “العديد من هؤلاء المسؤولين يوقعون الشهادات دون أن تكون لهم معرفة حقيقية بمستوى الطلبة”.

وتطرق الغلوسي إلى فضائح مماثلة في مدارس التجارة (ENCG) بوجدة وسطات، حيث تم تداول شهادات حول منح نقط مقابل المال أو الخدمات الجنسية، مشيراً إلى أن هذه الممارسات نسفت مصداقية الشهادات الجامعية المغربية، وأضرت بسمعة التعليم العمومي لصالح القطاع الخاص.

نحو تحقيق شامل ومحاسبة عادلة

من الناحية القانونية، أكد رئيس جمعية حماية المال العام أن الملف لا يزال أمام القضاء، ولا يُعرف بعد ما إذا كانت الاتهامات تتعلق فقط بالمال أو تشمل كذلك خدمات جنسية أو امتيازات أخرى.

وشدّد الغلوسي على ضرورة فتح تحقيق معمق يشمل جميع الشهادات التي منحها الأستاذ الموقوف، للتحقق من مدى احترامها للمعايير الأكاديمية والعلمية. وقال: “أحيانًا نجد دكتوراه بميزة مشرفة جدًا وتوصية بالنشر، لكن أصحابها لا يملكون القدرة على صياغة جملة مفيدة واحدة”.

أزمة نظام لا أفراد فقط

وختم الغلوسي بالتأكيد على أن الأزمة أعمق من مجرد أفراد متورطين في الفساد، بل تتعلق بنموذج جامعي فاشل لم يعد قادراً على إنتاج نخب وكفاءات، كما كان الحال في السابق. وأضاف: “اليوم، الجامعة التي كانت تُخرج وزراء وقضاة كبار، باتت عاجزة عن تخريج طالب يُجيد التعبير”.

وطالب بتحقيق العدالة لفائدة آلاف الطلبة الذين حُرموا من فرص النجاح والتميز بسبب المحسوبية والفساد، داعيًا إلى محاسبة كل من استفاد من هذه الشهادات المزورة وتقديمهم للعدالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى