في خطوة تحمل أبعادًا تتجاوز الطابع البروتوكولي المعتاد، وقع كل من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم والمكتب الوطني للسكك الحديدية اتفاقًا استراتيجيًا جديدًا يُتوقع أن يشكّل العمود الفقري لتنقل الجماهير خلال نهائيات كأس الأمم الإفريقية “المغرب 2025”، وهي نسخة تراهن عليها القارة لإبراز جيل جديد من تنظيم التظاهرات الرياضية الكبرى. الاتفاق، الذي جمع رئيس “الكاف” باتريس موتسيبي والمدير العام للـONCF محمد ربيع الخليع، يأتي قبل أيام قليلة من ضربة البداية، في لحظة تستدعي أعلى درجات الجاهزية، خصوصًا مع التوقعات ببلوغ أعداد غير مسبوقة من المشجعين الأفارقة والمغاربة للمدن المضيفة. وبموجب هذه الشراكة، يصبح المكتب الوطني للسكك الحديدية راعيًا رسميًا للبطولة، وهو ما يعكس حجم الثقة في دوره كمشغل وطني قادر على توفير حلول نقل عملية وفعّالة في ظرفية ذات ضغط جماهيري كبير.
هذا الاتفاق لم يُقدَّم كالتزام شكلي، بل تمت صياغته كبرنامج تعبئة شامل؛ إذ يستعد الـONCF لإطلاق خدمات خاصة، وتعزيز الأسطول، وتكييف وتيرة الرحلات مع فترات الذروة المرتبطة بالمباريات، بهدف ضمان انتقال سلس بين المدن، والتخفيف من الضغط على الطرقات، وخلق نمط سفر مريح وآمن. كما يتجه المكتب إلى طرح عروض تفضيلية وباقات مبتكرة للمشجعين، تجعل التنقل جزءًا من تجربة البطولة وليس مجرد وسيلة عبور، وهو ما يُعد خطوة ذات بعد سياحي واقتصادي في الآن نفسه.
وقد حضر مراسم التوقيع كل من فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ونائب رئيس “الكاف”، إضافة إلى الأمين العام للاتحاد فيرون موسينغو أومبا، في إشارة واضحة إلى مركزية هذا الاتفاق ضمن هندسة التحضير للبطولة. ويأتي هذا التنسيق المتقدم منسجمًا مع الرؤية الاستشرافية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، التي تراهن على تطوير البنيات الرياضية، وإعطاء قيمة مضافة للبنيات التحتية، مع تعزيز مكانة المغرب كفاعل محوري في محيطه الإفريقي.
إن هذا التعاون بين “الكاف” والـONCF لا يُنظر إليه كدعم لوجيستي فحسب، بل كتعبير عن تصور جديد لتنظيم المنافسات القارية، حيث يصبح النقل عنصرًا أساسيًا في جودة التجربة الجماهيرية، وشرطًا لإنجاح أي بطولة كبرى. ومع اقتراب أيام قليلة فقط من انطلاق الحدث، يبدو أن المغرب يسير بثبات نحو تقديم نسخة إفريقية استثنائية تعتمد على التنظيم المحكم، الخدمات المتكاملة، والقدرة على تدبير تفاصيل معقدة بحرفية عالية، في انتظار أن تؤكد أرض الواقع جاهزية بلدٍ يواصل ترسيخ حضوره في خارطة الأحداث الرياضية العالمية.
