بعد توجيهات جلالة الملك محمد السادس الأخيرة فيما يتعلق بأزمة الماء، لجأت السلطات المختصة إلى مصادر مائية غير اعتيادية، تتمثل أساسا في إعادة استعمال المياه العادمة في سقي المساحات الخضراء وملاعب الغولف في التجمعات الحضرية، خصوصا في العاصمة الرباط والمدن التي تجاورها.
وكانت من بين التوجيهات الرئيسة للملك محمد السادس، في خطابه أمام أعضاء مجلسي البرلمان يوم 14 أكتوبر الماضي، “ضرورة إطلاق برامج ومبادرات أكثر طموحا، واستثمار الابتكارات والتكنولوجيات الحديثة، في مجال اقتصاد الماء، وإعادة استخدام المياه العادمة”. أُحدث مشروع ضخم لإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة في العاصمة الرباط، إذ يرتقب أن يكون الأكبر عالميا في مجال إعادة استخدام المياه العادمة بالمناطق الحضرية، عندما تنتقل من 190 كيلومترا حاليا بشبكة إنتاج يومي يبلغ 36 ألف متر مربع، إلى 310 كيلومترات بسعة استعمال 56 ألف متر مكعب في اليوم.
ويؤكد رئيس قسم الماء والظواهر القصوى بوزارة التجهيز والماء، عصام الغراري، أنه من “خلال المحطة المهمة لإعادة استعمال المياه العادمة، ستُسقى كمرحلة أولى جميع المساحات الخضراء في مدينة الرباط، على أن تكون هناك مرحلة ثانية لتوسيع المشروع، ما سيمكن من نقل أحجام مهمة من هذه الموارد المائية المُعاد استخدامها لسقي المساحات الخضراء التي لا تصلها شبكة التوزيع”. وقال الغراري، “وصلنا إلى وضع لا يمكن فيه السماح بسقي المساحات الخضراء وملاعب الغولف بماء الشرب، لأنه لا يمكن تصور بلد يعيش وضعية مائية صعبة تُخصص الماء الصالح للشرب لسقي المساحات الخضراء أو الغولف”.
وأشار المسؤول بوزارة التجهيز والماء، أن “الموارد المائية في المملكة بلغت هذه السنة تقريبا ما يقدر بملياري متر مكعب، وهو ما يشكل عجزا بـ90 بالمئة مقارنة بالمعدل؛ ما يعني أن هذه السنة من أكثر السنوات عجزا في تاريخ التسجيلات منذ 1945” وكشف الخبير في مجال الماء، أن “أكثر من 500 مليون متر مكعب من المياه العادمة تطرح كمياه للصرف الصحي على المستوى الوطني، ولا يُستغل من هذا الحجم سوى نسبة ضئيلة جدا، والباقي يطرح في الأوساط الطبيعية بدون أي معالجة الشيء الذي يهدد الثروة المائية الأخرى سواء كانت مياها سطحية أو مياه جوفية”.
وأفادت عضوة ومسؤولة عن المشاريع البيئة في حركة شباب من أجل المناخ (غير حكومية)، كوثر أموقال، أن “إعادة استخدام المياه العادمة المعالجة ذات أهمية كبيرة في الحفاظ على الموارد الطبيعية المائية، وتعزيز إمكانيات المياه العادمة المتوفرة في المنطقة، والتقليل من تدفق التلوث المتبقي الذي يتم تصريفه في البيئات المستقبلة، ومواءمة المناطق الحضرية مع مبادئ التنمية المستدامة ورفع المعايير البيئية وكذا التخطيط لإحداثها”.
واعتبرت أموقال،أن “هذا المشروع صديق للبيئة وعرف نتائجا واسعة كخطة تدبيرية عملية تهدف إلى الحفاظ على الماء الصالح للشرب، خاصه في ظل هذه الأزمة التي يشهدها المغرب”.
وأضافت كما أنه “مشروع لقي استحسان سكان مدينة الرباط وبعض الفاعلين من المجتمع المدني، بعدما تم التقليل من الضغط على الموارد المائية التقليدية، الشيء الذي ساعد كذلك في توسيع المناطق الخضراء بالعاصمة الرباط”.