صفرو

مدينة صفرو التي كانت في خاطري

playstore

صفرو… مسقط الرأس ومرتع الطفولة ومهوى الشباب ،صفرو المدينة العتيقة بأزقتها الضيقة كأنها شرايين قلب ينبض بالحياة ،من المسجد الأعظم مركز المدينة إلى البوابات الكبرى التي تتخلل السور الذي يحيط بالمدينة إحاطة الدملج بالمعصم .

من فتحات وشقوق أسوارها تشتم عبق التاريخ وحكايات الأمس البعيد ،وأنفاس من سكنوا الديار التقليدية العامرة بأكثر من أسرة وعائلة مع حسن الجوار والمودة والرحمة وتقاسم الرغيف والخميرة “البلدية” ،والأفراح والأتراح بعفوية وتلقائية كأنها اليوم واجب فرض وإلزام، تلك هي مدينتي التي كانت في خاطري

sefroupress

وادي أكاي الذي يشطر المدينة إلى عدوتين :عدوة “الشباك وعرصة الدار والبستنة “وعدوة “زمغيلة وتاقصبت وبني مدرك” ،وادي أكاي الذي يسيل منذ الأزل في هدوء ،يغدي المنازل والمساجد والزوايا والحمامات بماء الطهارة والوضوء ،ثم ينساب ليسقي أحواض الخضر والنعناع وبساتين الغلال والأشجار وخصوصا أشجار الكرز – حب الملوك- في انبساط الحقول في منطقة “الكلات “.

صفرو التي كانت في خاطري ،كانت الحياة فيها بسيطة وجميلة كالحلم بحجم راحة اليد ،وجوه وأسماء وأحياء ومعالم تألفها العين في يسر وسهولة :وتحيات الصباحات والأماسي تملأ الدروب والحارات بعبارت البشر والسلام

 هنا سقاية الماء في “ناس أعدلون” وهناك نسوة ورجال يغسلون الصوف والقمح والبطاطين والزرابي في صهاريج “غديوة” وهنالك في ساحة الحدادين في الصباح الباكر نسوة يبعن ما أبدعته أياديهن من غزل الصوف والحايك وعقد الجلاليب ،ودلال يرفع صوته عاليا جيئة وذهابا يعرض في المزاد صينية وبراد شاي من نحاس أصفر أو شربيل مطرز بالصقلي الحر أو مهد مصنوع من جدع أشجار الكركاع المتواجد في بساتين “أكاي وحجر الهواري” الحي الراقي الذي كان يقطنه المعمرون وأصحاب المال والنفوذ. وهنالك قبالة المسجد الأعظم “قبة السوق حيث أكوام الخبز البلدي ورائحة السمن والخليع عند “الكوان” رحمه الله، ونسائم شواء الكفتة والصوصيص عند “الكيلو” رحمه الله. وهنالك شيخ مسن قادم من سيدي أحمد التادلي ينزل الهوينا من “دريجات ابليس” من أجل أن يلحق برفاقه المتقاعدين في “اعوينة الدندان” للعب الداما أو الروندا….أو تذكر واستعراض بطولات المغاربة  “الكوم” في حرب “لندوشين”… 

وهنالك جنان السبيل – لابيسين – حيث الظل الظليل والخمائل الوارفة والمياه المنسابة وجلسات الأنس والرومانسية في أصائل الريبع والصيف. 

مدينتي سبحان من بث فيها دفء السكينة والطمأنينة ينجذب الزائر إليها كما ينجذب الرضيع لدفء حضن أمه الحنون ، فيتخذها ملجأ ومسكنا وموئلا.

وفجأة ضاعت مني مدينتي وافتقدت سحرها وأريجها وغاب عني رونقها وجمالها.

في أزقتها أختنق بالضيق والازدحام ،ويطرق سمعي  صنوفا وألوانا من سقط الكلام وأرى الوجوه عابسة واجمة هجرت لغة الابتسام….

 واليوم بفيض مرارة وحرقة… أسائل كل محب وعاشق للمدينة :

 ترى هل أجد مدينتي التي كانت في خاطري؟؟؟

playstore

مقالات ذات صلة

‫7 تعليقات

  1. مهم كان الحال ستبقى صفرو في قلبي أفضل المدن في التاريخ المغربي

  2. لقد هيجت عواطفي يا أخي تجاه هذه المدينة العزيزة علي و التي قضيت فيها طفوةلتي و مرحلة المراهقة لكن لظروف الحياة غادرتها.أنا آسف لنا آلت إايه…

  3. ايا ليت الزمان يعود لماض بعيد فاخبره بما فعل الاسمنت والحديد .
    صفرو التي كانت في خاطري عنوان بصيغة الماضي ينم عن حرقة في داخل فؤاد كل من واكب الزمان الجميل لهاته المدينة الساحرة والتي كان يقال ان من شرب من ماء اكاي لن يغادرها ابدا او حتى لو غادرها تبقى نفسه متلهفة شوقا وحنينا لدفئها وجمالها .
    صفرو التي كانت في خاطري هو نتاج بكاء وانفطار قلب على زمن الحياء والقيم والاحترام الذي كان يسود اهلها واسرها .
    صفرو التي كانت في خاطري هو انتفاضة صامتة لاحرار المدينة ضد محو لمعالم مدينتهم الضاربة في القدم .
    شكرا استاذ فقد سافرت بنا بكل كلمة من مقالك الى الاماكن الجميلة التي كانت وستبقى مطبوعة في الذاكرة الى الابد .

  4. لن تيع مدينة صفرو التي في خاطرك مادام امثالك ينتمون اليها شابو حبيبي

  5. مع الأسف: وما نيل المطالب بالتمني +++ و لكن تأخذ الدنيا غلابا
    لهذا على كل مسؤول و من واجب كل مواطن و محب لهذه المدينة أن يتحدوا جميعا من أجل إنقاذ هذه المدينة الجميلة من جرائم المخدرات و الاجرام، و محاربة الفساد و المفسدين فيها ، حتى تعود تلك البسمة الغائبة عنها ، و حتى لا نبقى نبكي الأطلال فقط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WeCreativez WhatsApp Support
فريق صفروبريس في الاستماع
مرحبا