امتلأت المقاعد عن آخرها بالركاب، وانطلقت الحافلة نحو الخارج. دهش أحمد لرؤية سائق جديد لا يمت للسائقين السابقين بصلة! توقفت الحافلة لبرهة عند باب المحطة، وصعد جماعة من الشبان وكأنهم لصوص يودون تجريد الركاب مما يملكون. كانوا مستعلجين ومتكلمين بأصوات مرتفعة، متفوهين بعبارات بذيئة تخدش الحياء وينفر منها كل طبع سليم. استحيى أحمد من زوجته ومن الناس وحمد الله أنه لم يكن برفقة والديه. ولما أخذ الشبان ما فيه النصيب من السائق، نزلوا وانتشروا في الأرض كما لو كانت هناك فتنة والعياذ بالله!
وما إن غادرت الحافلة المدار الحضري لفاس حتى انطلقت كسهم حاد تطوي المسافات طيا. كان السائق يسوق بسرعة جنونية غير مبال بالأرواح الكثيرة التي هي في عهدته. ومن شدة الخوف على حياته وحياة زوجته وباقي الركاب، لم يتملك أحمد نفسه من التوجه للسائق في غضب:
ـ أسي محمد.. أسي محمد..! أغير بالشوية عفاك راك هاز معاك ناس، حتى يلا ماخفتيش على راسك خاف على رواح الناس!!
لم يستطع السائق كتمان هيجانه ،وتشنج أعصابه ، فعلق في سخرية:
ـ الصباحات لله، جا لعند راسي ووقف بحال الناقوس دليهود!!
لم يكن أحمد متعودا على مثل ذلك الأسلوب. فكان وقعه شديدا على نفسيته، فبقي صامتا لا ينبس بكلمة طيلة الطريق.
وعند وصولهما كان الاستقبال حارا من طرف أقربائهما، وبادره أحدهم بسؤال:
ـ كيف كانت رحلتكما يا عمي؟
رد أحمد بعدم تنفس الصعداء:
ـ اتركني آخذ نفسي يا ابن أخي.. وقاكم الله وإيانا شر عفاريت الحافلات!
أخي نجيب، كلما عثرت على موضوع موقع باسمك، إﻻ وقرأته ﻷنني ألفت أسلوبك الرفيع السلس، وموضوعاتك المختلفة التي لم يسبق ﻷحد أن كتب فيها فهنيئا لك على تضحياتك وبالتوفيق إن شاء الله
مرة أخرى يطل علينا الأديب نجيب بجزء آخر من روايته، لا تتأخر علينا بالأجزاء الاخرى. إننا ننتظر بفارغ الصبر فصول وأحداث الرواية. لك مني ألف تحية أيها القاص الذي ظل كامنا لمدة طويلة. واصل أخي نجيب…………….
حكي رائع جدا يروي لنا كيف يعاني المجتمع المغربي من أناس يزاولون مهن لاتمث للمهنية بصلة مما قد يحول متعة السفر الى جحيم في بعض الاحيان.
شكرا سي نجيب نتمنى منك المزيد انشاء الله.