
افادت مصادر مطلعة ان مصالح الادارة المركزية بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية تدخلت بشكل عاجل لوقف صفقة للنظافة ابرمت على مستوى الجهة خلال شهر اكتوبر الماضي، بعدما ثار جدل واسع حول ظروف تفويتها وشبهات تتعلق بغياب معايير الشفافية وتكافؤ الفرص. وحسب المعطيات ذاتها، فقد صدر قرار رسمي يقضي بالغاء الصفقة كاملة، والتي كانت تقدر قيمتها بنحو 4 مليارات سنتيم.
هذا القرار جاء عقب بروز ملاحظات حول الطريقة التي تمت بها عملية الاسناد، اضافة الى الاشارات التي احاطت بمسار الانتقاء وما اذا كان قد احترم المساطر القانونية المعمول بها في تدبير الصفقات العمومية. وتضيف المصادر ان التدخل السريع جاء لتفادي تفجر فضيحة كبيرة كانت ستلقي بظلالها على القطاع الجهوي، خاصة في ظل حساسية الخدمات المرتبطة بالمؤسسات الصحية.
وتعيد هذه الواقعة طرح النقاش حول ظاهرة الزبونية في الصفقات العمومية، وهي ظاهرة لطالما اثيرت في عدة قطاعات، حيث تشكل ثغرة خطيرة تهدد مبادئ الحكامة الجيدة وتفتح المجال امام تضارب المصالح. فالتقارير الوطنية والدولية سبق ان نبهت الى مخاطر منح المشاريع الكبرى خارج منطق المنافسة الحقيقية، وما يترتب عن ذلك من هدر للمال العام وضعف في جودة الخدمات.
الغاء الصفقة، رغم كونه خطوة ايجابية من حيث حماية الشفافية، يكشف من جهة اخرى حجم الاشكال الذي ما زال يعيق منظومة الصفقات العمومية. فالمشكل لا يرتبط بحادثة معزولة، بل يعكس نمطا متكررا في بعض الادارات، حيث تتحول الصفقات الى مجال خصب للنفوذ والعلاقات بدل ان تكون ورشا للتنافس النزيه والتنمية الفعلية.
وتؤكد هذه المستجدات الحاجة الملحة الى تعزيز آليات الرقابة والافتحاص، وتفعيل العقوبات في حق كل من يثبت تورطه في خرق قواعد المنافسة الشريفة. كما تبرز اهمية تمكين الراي العام من حقه في تتبع تفاصيل الصفقات العمومية، باعتبار ذلك جزءا من ضمان الشفافية وحماية المال العام.
وبينما يواصل القطاع الصحي جهوده للارتقاء بخدماته، يظهر ان تعزيز النزاهة في تدبير الصفقات يمثل اساسا لا غنى عنه لضمان الثقة بين المواطن والمؤسسات، ولمنع تكرار مثل هذه الحالات التي تهدد صورة الادارة وتعرقل مسار الاصلاح.




