المغرب

الدرك الملكي أمام جريمة غامضة

تشهد منطقة آسفي حالة استنفار واسعة لدى مصالح الدرك الملكي بعد العثور على جثة شاب في العشرينات من عمره بمنطقة خلاء بجماعة الغيات، في ظروف تشير إلى تعرضه لعنف شديد قبل وفاته. ورغم محدودية المعطيات الرسمية المتاحة في هذه المرحلة، إلا أن مسار التحقيق الحالي يكشف عن اشتغال منهجي دقيق يجمع بين البحث التقني والعلمي، والاستماع إلى الشهود، والتدقيق في العلاقات المحيطة بالضحية.

أول خيوط التحقيق انطلقت من المعاينات الأولية التي بيّنت بأن الوفاة ليست عرضية، وأن الشاب كان على الأرجح ضحية اعتداء منظم. ومنذ اللحظة الأولى، تحركت عناصر الدرك لفهم ظروف ما قبل الجريمة، وتحديد ما إذا كانت مرتبطة بعلاقة شخصية أو بعمل انتقامي، خصوصاً بعد تواتر معطيات غير رسمية من داخل محيط الضحية تشير إلى احتمال وجود صراع أو توتر سابق بينه وبين أحد الأشخاص.

ورغم أن الفرضيات الأولية التي تداولتها الصحافة تتحدث عن احتمال “تصفية حسابات”، إلا أن التحقيق لا يزال في بدايته، ما يجعل جميع الفرضيات مفتوحة، خصوصاً مع وجود متهم رئيسي أشارت إليه أسرة الهالك باعتباره آخر من شوهد معه. وتشير مصادر صحفية إلى أن هذا الشخص يخضع حالياً لإجراءات بحث مكثفة، فيما يتم التدقيق في علاقاته لمعرفة ما إذا كان قد تصرف بمفرده أو بمشاركة آخرين.

وتعمل مصالح الدرك الملكي على تجميع مختلف الأدلة التقنية، بما في ذلك تحليل مسرح الجريمة، والاستعانة بالخبرة الطبية، وفحص التسجيلات المحتملة، إضافة إلى دراسة الاتصالات والعلاقات الاجتماعية للضحية في الأيام الأخيرة قبل وفاته. كل هذه العناصر تساعد في استبعاد الفرضيات الضعيفة وتقوية المسارات الأكثر ترجيحاً.

وتُظهر هذه الواقعة، مرة أخرى، أهمية المقاربة العلمية في كشف الجرائم المعقدة، حيث بات الاعتماد على الأدلة المادية والتقنية جزءاً أساسياً من عمل الضابطة القضائية، بعيداً عن التخمين أو الشهادات غير الدقيقة. كما تفتح الحادثة نقاشاً أوسع حول البيئة الاجتماعية التي يحتضنها محيط القرى والمناطق الهامشية، حيث يمكن أن تتحول الخلافات البسيطة في بعض الأحيان إلى مواجهات خطيرة في غياب قنوات الوساطة والحلول السلمية.

وتتجه الأنظار الآن إلى التقرير النهائي للتشريح الطبي، الذي سيحدد طبيعة الإصابات والظروف الدقيقة للوفاة، إضافة إلى تحديد الزمن التقريبي لها، وهو عنصر أساسي لفهم تسلسل الأحداث، وربطه بشهادات الشهود والمشتبه بهم.

وفي انتظار كشف النتائج النهائية، يبقى الثابت الوحيد هو استمرار الدرك الملكي في عمله بوتيرة عالية لفك لغز هذه الجريمة التي خلّفت صدمة كبيرة داخل المنطقة، وطرحت أسئلة عميقة حول مسببات العنف الفردي والجماعي، وكيفية الحد من تفاقمه عبر مقاربة تجمع بين الأمن والتوعية والوقاية الاجتماعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى