المغرب

خروج الشناقة.. الدواء يتحول إلى ورقة ضغط

ها قد خرجت “شناقة الدواء” من جحورها لتعيد نفس الأسطوانة المشروخة: كلما تحركت وزارة الصحة لإصلاح قطاع الدواء إلا وارتفعت أصوات تهدد وتلوح بسلاح الإغلاق الشامل للصيدليات، وكأن صحة المواطنين مجرد ورقة ضغط في بازار المصالح.

الصيادلة، أو بالأحرى لوبياتهم الأقوياء، لا يتحدثون عن الحق في الدواء للجميع، ولا عن أسعار تقهر جيوب الفقراء، بل كل همهم أن تبقى السوق مغلقة على مصالحهم، وأن تظل علبة الدواء تباع بثمن يعادل وجبة غداء في مطعم راق. وحين تجرؤ الوزارة على فتح النقاش حول الترخيص، يخرج “الشناقة” صارخين: إما ما نريد نحن، أو سنترك المرضى في مواجهة الألم بلا دواء.

المضحك المبكي أن هذا الابتزاز يُقدَّم تحت شعار “حماية المهنة” و”الدفاع عن الصيدلي”، بينما المواطن العادي لا يرى سوى واقع يزداد سوءا: أدوية غالية، صيدليات مغلقة عند الحاجة، ولوبي يلوح بالعصيان كلما اقتربت الدولة من كسر احتكاره.

إنها مهزلة حقيقية، أن يتحول الدواء الذي يفترض أن يكون حقا إنسانيا أساسيا، إلى سلعة في يد قلة تتحكم في العرض والطلب حسب مزاجها. المواطن لم يعد يصدق خطاباتهم، فقد خبر جشعهم، ويعرف أن “خروج الشناقة” ليس إلا دفاعا عن جيوبهم المنتفخة، لا عن صحة الناس.

في النهاية، ما يريده المرضى واضح وبسيط: دواء متوفر، بثمن معقول، في كل وقت وحين. أما الباقي فمجرد ضجيج “شناقة” يخشون أن ينكسر احتكارهم يوما، فيخسرون سوقا اعتادوا أن يمصوا دماءه منذ عقود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى