الحلقة الأولى: كراكيز تلمذية وأيادي سياسية
كثيرة هي الأسئلة المطروحة حول الجدوى من برنامج مسار؟ وعن أسباب وقوف البعض ضده، فمنهم من دعا إلى تعليق العمل به كالفيدرالية الوطنية لآباء وأولياء التلاميذ وجمعية المديرين بالتعليم الثانوي والإبتدائي، ومنهم من وصلت بهم الأمور إلى التهديد بالخروج إلى الشارع كما فعلت الشبيبة المدرسية التابعة لحزب الاستقلال… هي أسئلة جاءت نتيجة ضجة عارمة وغير مسبوقة أقيمت على برنامج تقني محض، سبقته برامج (GEXAWIN_GALY) لم يتم اعتراض سبيل تنزيلها، كما أن المنظومة التربوية عرفت تغييرات متعددة من قبيل الانتقال من ست امتحانات جهوية في التعليم الثانوي إلى امتحانين فقط ـ وطني وجهوي ـ وتغيير النسب المئوية والمعاملات لاحتساب المعدلات… وغيرها من التغييرات التي كانت تمس التلميذ بالدرجة الأولى، إلا أنها لم تعرف مقاومة من طرف مختلف فئات المجتمع المدرسي، ولم نسمع عن بلاغ صادر عن تنظيم سياسي معين كما فعل حزب الاستقلال عن طريق ذراعه النقابي و شبيبته المدرسية، عند ما أعلنت هذه الأخيرة عبر بلاغ رسمي عزمها تنظيم “مسيرة الغضب لإنقاذ المدرسة العمومية”، وكأن المدرسة العمومية بخير وجاء هذا البرنامج ليهددها بالقتل ويواريها التراب.
وبالتالي فالمتأمل لسياقات هذه الضجة لن يخونه الظن في كون أن الأمر يتعلق بعودة “العقلية الفاشلة” التي تقتات على غبن الآخرين وتتحصن بالركوب على ظهور الفئات الهشة والبريئة، فخروج التلاميذ في مظاهرات ورفعهم لشعارات ضد برنامج لا يعرفون منه إلا الإسم، لم يكن إلا للدفاع عن سخاء الأساتذة وكرمهم في النقط حتى وإن كانوا ضحايا البطش والفتك من حين لآخر، مما أدى إلى ظهور مجتمعنا أمام أعين العالم مجتمعا خارج الركب ومريض بمرض “فوبيا المعلوميات”.
وهكذا فإن وراء هذه الأيادي الناعمة والبريئة أيادي خشنة بإمساكها بمعول السياسة منذ زمن بعيد، يقودها أعراب يعتبرون السياسة هي ساحة “حرب وغنيمة” تستعمل فيها كل الأسلحة المحظورة وغير المحظورة، لكن السؤال المطروح بعد هذا كله، هل الأمر يتوقف عند أهداف سياسية يروم المعارضون تحقيقها من خلال ترصد الشقوق واستغلال البراءة للإيقاع بالخصم في معارك شخصية خاسرة منذ البداية؟ أم أن الأمر يتعلق ببرنامج سيعري المتلاعبين بالمنظومة التربوية، ويكشف المتسترين عن الموظفين الأشباح ، ويعيد للحركات الانتقالية معناها بعدما أفرغت منه بسبب التستر على المناصب الشاغرة وإحداث مناصب أخرى وهمية…
هذا ما سنتحدث عنه في الحلقة القادمة من خلال أمثلة محلية خاصة بإقليم صفرو ووطنية.