الاختيار الديمقراطي في صلب النقاش الشبابي قراءة في الملتقى الجهوي الخامس لشبيبة العدالة والتنمية بجهة فاس مكناس

يأتي الاعلان عن الملتقى الجهوي الخامس لشبيبة العدالة والتنمية بجهة فاس مكناس في ظرفية سياسية واجتماعية دقيقة، حيث تعيش الساحة الوطنية نقاشا متجددا حول علاقة الشباب بالفعل السياسي، وحول مدى قدرة التنظيمات الحزبية على استعادة ثقة فئات واسعة من المواطنين، خصوصا في مرحلة تتصاعد فيها رهانات المشاركة وتتضاعف فيها الاسئلة المرتبطة بالديمقراطية وتمثيلية المؤسسات. ومن هذا المنطلق، تبدو صياغة شعار الملتقى “الاختيار الديمقراطي رهان تعزيز المشاركة والوحدة الوطنية” ليست مجرد عنوان، بل احالة مباشرة على محاولة اعادة ترتيب اولويات الخطاب الشبابي داخل الحزب وربطه بمسار الاصلاح السياسي ومقتضيات الشرعية الديمقراطية التي تشكل احدى ركائز الحياة الدستورية في المغرب.
وتنظم شبيبة الحزب هذا الملتقى ايام 11 و12 و13 و14 دجنبر 2025 بمخيم الشهيد الرائد محمد الحوري بالحاجب، في تجمع شبابي تسعى من خلاله الى استعادة الدينامية التاطيرية التي تعتبر تاريخيا احدى نقاط قوتها. فالملتقى، في عمقه، ليس فعالية تنظيمية فقط، بل منصة لمساءلة التحولات الجارية، وفضاء لمناقشة موقع الشباب في ما يسمى بالاختيار الديمقراطي باعتباره خيارا وطنيا لا يرتبط بحزب بعينه، بل بمنظومة قيم تشكل اساس الاستقرار السياسي والوحدة الترابية.
ومن المتوقع ان يتطرق الملتقى كذلك الى موضوع تمييع الممارسة السياسية من طرف مجموعة من الاحزاب، وحصرها في اطار ضيق لا يتعدى المصالح الشخصية والانتخابية، حيث لوحظ خلال السنوات الاربع الماضية تراجع واضح في مضمون الفعل الحزبي وابتعاده عن ادواره الدستورية في التاطير والتكوين والوساطة. هذا النقاش مرشح ليكون احد محاور الملتقى، بالنظر الى الحاجة الملحة لاعادة الاعتبار للسياسة باعتبارها عملا جماعيا يهدف الى خدمة المصلحة العامة، وليس مجالا لتبادل المصالح او صناعة الولاءات القصيرة الامد.
وينتظر ان يتطرق المشاركون في هذه الدورة الى قضايا متشابكة: تراجع ثقة الشباب في العمل المؤسساتي، الحاجة الى تجديد ادوات الوساطة السياسية، طبيعة الخطاب المطلوب لاستقطاب الطاقات الشابة، ثم دور الفاعل الحزبي في تعزيز اللحمة الوطنية وسط تحولات اجتماعية متسارعة. كما يرتقب ان يشكل الملتقى مناسبة لقراءة المشهد السياسي الراهن، خصوصا في ضوء التغيرات التي عرفتها موازين القوى داخل الحقل الحزبي المغربي خلال السنوات الاخيرة.
ان شعار هذه الدورة لا يخلو من دلالات، فهو يربط بين المشاركة السياسية والوحدة الوطنية، في محاولة لتاكيد ان الديمقراطية ليست مجرد الية انتخابية، بل خيار استراتيجي يستمد جزءا من قوته من انخراط المواطنين، وخاصة الشباب، ومن قدرتهم على ان يكونوا طرفا فاعلا في صياغة المستقبل. وبذلك يشكل هذا الملتقى محطة جديدة ضمن مسار طويل تسعى فيه الشبيبة الى اعادة طرح سؤال الفعالية السياسية للشباب المغربي وتثبيت حضورها كفاعل نقاشي داخل الساحة الوطنية، في وقت تحتاج فيه البلاد الى تجديد اليات التعبئة والانفتاح على الجيل الجديد.




