المغرب

عجز يفوق 50 مليار درهم.. مؤشرات مالية مقلقة في تسعة أشهر

كشفت أرقام الخزينة العامة للمملكة أن العجز المالي بلغ أزيد من 50 مليار درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة الجارية، وهو رقم يثير أكثر من سؤال حول وضعية المالية العمومية وحول نجاعة السياسات الاقتصادية المتبعة في ظل الظرفية الوطنية والدولية الراهنة.

ففي الوقت الذي تتحدث الحكومة عن تحسن في المداخيل الجبائية وارتفاع في موارد الدولة، تكشف أرقام الخزينة أن وتيرة النفقات العمومية لا تزال تفوق الإيرادات بشكل مقلق، خاصة مع ارتفاع كتلة الأجور، وتزايد النفقات الموجهة للدعم الاجتماعي، وتكاليف الاستثمار العمومي التي لم تحقق بعد المردودية المنتظرة.

العجز المسجل لا يمكن قراءته فقط من زاوية الأرقام، بل يجب النظر إليه كإشارة واضحة إلى اختلال التوازن بين موارد الدولة ونفقاتها، وهو ما يطرح تساؤلات حول قدرة الحكومة على ضبط المالية العمومية دون المساس بالبرامج الاجتماعية أو زيادة الضغط الجبائي على المواطنين والطبقة المتوسطة.

هذا الوضع المالي الصعب يأتي في سياق دولي يتسم بارتفاع أسعار المواد الأولية وتقلب الأسواق، لكن جزءا كبيرا من العجز مرتبط أيضا ببطء الإصلاحات الهيكلية وضعف الحكامة في تدبير المشاريع الكبرى. فالكثير من الاستثمارات العمومية تظل أسيرة المساطر البيروقراطية وضعف المراقبة، مما يجعل كلفتها تتجاوز بكثير عائدها الاقتصادي.

إن تجاوز هذا الوضع يتطلب إرادة سياسية حقيقية لإعادة ترتيب أولويات الإنفاق، ومحاربة الهدر المالي، وضمان الشفافية في الصفقات العمومية. فالعجز المالي ليس مجرد رقم، بل مؤشر على طريقة إدارة الدولة لمواردها، وعلى مدى قدرتها على تحقيق توازن بين متطلبات التنمية وحماية المال العام.

وفي ظل هذه الأرقام، يبدو أن المرحلة المقبلة ستكون اختبارا حقيقيا للحكومة، بين وعودها بتحقيق التوازن المالي وتحسين العدالة الاجتماعية، وبين واقع مالي يزداد تعقيدا كل شهر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى