المغرب

علي المرابط.. اتهامات مجانية تُسيء للحقيقة وتُفرغ القضايا الحقوقية من مصداقيتها

في خضم موجة من التدوينات الانفعالية، خرج، علي المرابط، مجددًا بتصريحات مثيرة للجدل، اتهم فيها الوزير المغربي السابق المكلف بحقوق الإنسان، مصطفى الرميد، بالتورط في ما وصفه بـ”تهديدات للصحافي سليمان الريسوني”. غير أن هذه التصريحات، التي لا تستند إلى أي دليل مادي أو قرينة قانونية، تكشف عن أزمة عميقة في الخطاب الحقوقي المأزوم الذي أصبح يخلط الوقائع بالانطباعات.

فالمرابط، الذي اعتاد الهجوم على رموز الدولة المغربية من منفى اختياري، لم يقدم في خرجته الأخيرة سوى مزاعم مبنية على التأويل والاتهام العشوائي، دون سند قضائي أو شهادة موثقة. وهو ما يطرح سؤالًا مشروعًا: ما الغاية من إقحام أسماء سياسية بعينها في ملفات معروضة على القضاء، وسبق أن استوفت جميع درجات التقاضي؟

مصطفى الرميد، المعروف بتاريخه في الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان سواء كمحام أو كوزير، التزم منذ توليه المسؤولية بمبدأ استقلالية القضاء، ولم يسبق أن وُجهت له أي اتهامات رسمية تتعلق بالتأثير على مسارات المحاكمات. بل إن مواقفه في عدة ملفات كانت توصف أحيانًا بالجريئة، وهو ما يجعل من مزاعم المرابط ضربًا من المزايدة السياسية ومحاولة لشيطنة خصومه الأيديولوجيين.

ثم إن قضية سليمان الريسوني نفسها، باعتبارها موضوع متابعة قضائية تتعلق بشكايات جنائية مباشرة، تم تداولها أمام القضاء المغربي وفقًا لما تقتضيه القوانين الوطنية والمعايير الدولية للمحاكمة العادلة. وقد أتيحت للريسوني كامل حقوق الدفاع، ولم يثبت وجود أي تدخل سياسي في مسار الملف.

إن خطورة مثل هذه الاتهامات تكمن في أنها لا تسعى لإحقاق العدالة أو كشف الحقيقة، بقدر ما تهدف إلى تسويق رواية أحادية الجانب، تُغذي خطاب الضحية دون احترام للمؤسسات ولا للرأي العام. ويبدو أن علي المرابط، الذي يقدم نفسه كمدافع عن الحريات، يخلط عمدًا بين حرية التعبير والتشهير المجاني، وبين النقد الموضوعي والتحامل الأيديولوجي.

إن استغلال القضايا الحقوقية لتصفية الحسابات السياسية، وتشويه الفاعلين الوطنيين الذين راكموا تجارب في الدفاع عن دولة القانون، لا يخدم قضايا الحريات، بل يُفقدها مصداقيتها أمام الداخل والخارج. فحرية التعبير ليست غطاءً للاتهام العشوائي، كما أن مواقف الرميد لا يمكن تصنيفها بمقياس أهواء من فقدوا الصلة بالواقع المغربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى