العالم

الجزائر تسحب تونس نحو مزيد من العزلة القارية والدولية

في كل شيء تمسه يد الجزائر إلا ويحل الخراب والاغتراب. فلا عجب أن نلاحظ أن هذه الدولة لا تفعل شيئًا لتطوير نفسها سوى مراقبة المغرب وتتبع خطواته. ففي الوقت الذي تسعى فيه الدول الجادة لمعالجة مشاكلها الداخلية والخارجية، نجد الجزائر تترصّد أي فرصة للتشويش على المغرب، واستغلال كل حدث ممكن لترويج خطابها العدائي.

آخر فصول هذا السلوك تمثّل في استغلال القافلة التضامنية المتجهة إلى غزة، والتي استُعملت فيها خريطة مبتورة للمغرب، حُذفت منها أقاليمه الجنوبية. خطوة استفزازية، لا تخدم لا فلسطين ولا التضامن، بقدر ما تعبّر عن ضيق أفق سياسي لم يجد ما يتمسّك به سوى التزوير الرمزي.

لكن ما لا تدركه الجزائر، أن مثل هذه الممارسات الصبيانية لا تزيدها سوى عزلة، ولا تعكس سوى عمق الأزمة السياسية التي يعيشها نظامها. وحتى الدول التي كانت تتقاطع معها في مواقفها العدائية ضد المغرب، بدأت مواقفها تتغير، بل تتصدع من الداخل.

جنوب إفريقيا، مثلًا، التي لطالما دعمت الكيان الوهمي، تعيش اليوم على وقع انقسامات سياسية داخلية عميقة، أبرزها ما عبّر عنه حزب uMkhonto we Sizwe، أحد أقوى أحزاب المعارضة، الذي خرج عن صمته وأعلن دعمه الصريح لمغربية الصحراء، في صفعة مدوية للحزب الحاكم هناك.

وهذه الرسالة، وإن كانت موجّهة ظاهريًا إلى الداخل الجنوب إفريقي، فهي أيضًا إنذار رمزي للجزائر: الزمن تغيّر، وحبل الأكاذيب مهما طال فهو قصير.

الجزائر، التي أضاعت البوصلة، أصبحت تتخبّط دبلوماسيًا، فتارة تطرق باب روسيا، وتارة فرنسا، ثم بريطانيا وأمريكا… والآن، تجر تونس معها إلى مستنقع العزلة والتهميش.

للأسف، هذه السياسة لا تهدف سوى إلى تصدير الفشل الداخلي، وزرع البلبلة داخل المجتمعات المجاورة. وإذا استمرت تونس في الانجرار وراء الأجندة الجزائرية، فإنها لن تحصد سوى الخسارة: عزلة دبلوماسية، أزمة اقتصادية، وغضب شعبي متصاعد.

إن الجزائر اليوم لا تمثل شريكًا استراتيجيًا حقيقيًا لأي دولة، بل تحولت إلى “وقود فتنة” يُشعل ما حوله، دون وعي أو بوصلة. والدرس واضح: من يتقاسم الخراب، يذوقه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى