د.أحمد الدرداري : عضو شرفي بمؤسسة صفروبريس للإعلام والتواصل.
1- السياق الدولي والوطني للخطاب.
يأتي احتفال هذه السنة، بهذه في ظروف متقلبة ، مطبوعة باستمرار تداعيات كوفيد 19 وانعكاسات التقلبات الدولية، على الاقتصاد الوطني والعالمي. وعليه فان رفع التحديات الداخلية والخارجية، يتطلب الجمع بين روح المبادرة ومقومات الصمود، لتوطيد الاستقرار الاجتماعي.
2- المرأة امحور اصلاح اساسي في الخطاب .
انطلاقا من ان بناء مغرب التقدم والكرامة، يتطلب ضرورة وجود مشاركة كاملة للمرأة المغربية، في كل المجالات.
3- المرأة موضوع هيكلي يحظى باهتمام ملكي من خلال مدونة الاسرة .
لقد حرص جلالة منذ اعتلائه العرش، على النهوض بوضعية المرأة، وفسح آفاق الارتقاء أمامها، وإعطائها المكانة التي تستحقها. ومن أهم الإصلاحات إصدار مدونة الأسرة، واعتماد دستور 2011، الذي يكرس المساواة بين المرأة والرجل، في الحقوق والواجبات، وينص على مبدأ المناصفة، كهدف تسعى الدولة إلى تحقيقه. ذلك ان إعطائها حقوقها القانونية والشرعية يبقى غير كافي ودعا جلالته لتفعيل المؤسسات الدستورية، المعنية بحقوق الأسرة والمرأة، وتحيين الآليات والتشريعات الوطنية، للنهوض بوضعيتها. ضرورة اصلاح مدونة الاسرة ومحكمة الاسرة و توجه القضاء . مدونة الأسرة شكلت قفزة إلى الأمام، لكنها أصبحت غير كافية؛ لأن التجربة أبانت أن هناك عدة عوائق، تقف أمام استكمال هذه المسيرة، وتحول دون تحقيق أهدافها.
4- أسباب غياب التطبيق الصحيح للمدونة.
هناك أسباب سوسيولوجية متعددة لاسيما أن فئة من الموظفين ورجال العدالة، مازالوا يعتقدون أن هذه المدونة خاصة بالنساء. لكونها ليست خاصة بالمرأة؛ وإنما هي مدونة للأسرة كلها. فالمدونة تقوم على التوازن، لأنها تعطي للمرأة حقوقها، وتعطي للرجل حقوقه، وتراعي مصلحة الأطفال. مما يتطلب ضرورة التزام الجميع، بالتطبيق الصحيح والكامل، لمقتضياتها القانونية. وتدارك الاختلالات والسلبيات، التي أبانت عنها التجربة ، ومراجعة بعض البنود ، التي تم الانحراف بها عن أهدافها.
5- التشبت بالمرجعية الاسلامية في اصلاح المدونة وتعميم محاكم الاسرة على التراب الوطني.
انطلاقا من صفة جلالة الملك كأمير المؤمنين ، وكما سبق ان قال في خطاب تقديم المدونة أمام البرلمان، بأنه لن يحل ما حرم الله، ولن يحرم ما أحل الله ، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية، مما يؤكد حرص جلالته على مقاصد الشريعة الإسلامية، وخصوصيات المجتمع المغربي، مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح ، والتشاور والحوار ، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية. كما دعا جلالة الملك للعمل على تعميم محاكم الأسرة، على كل المناطق، وتمكينها من الموارد البشرية المؤهلة، ومن الوسائل المادية، الكفيلة بأداء مهامها على الوجه المطلوب. ونبه الجميع الى أن فهم، أن تمكين المرأة من حقوقها، لا يعني أنه سيكون على حساب الرجل؛ ولا يعني كذلك أنه سيكون على حساب المرأة. وأن تقدم المغرب يبقى رهينا بمكانة المرأة، وبمشاركتها الفاعلة، في مختلف مجالات التنمية.
6- استعراض التجربة المغربية في مواجهة آثار كوفيد 19.
واجه المغرب الازمة على مستوى مختلف المجالات حيث تضررت الفئات الهشة والفقيرة كثيرا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. وتم تدبير المرحلة الصعبة، بطريقة فريدة، بفضل تضافر جهود المواطنين والسلطات. كما بذلت الدولة مجهودات جبارة، وتحملت تكاليف باهظة، لمواجهة آثار الوباء، حيث قامت بتقديم مساعدات مادية مباشرة للأسر المحتاجة، وبدعم القطاعات المتضررة. وتوفير المواد الأساسية، دون انقطاع، وبكميات كافية، في كل مناطق البلاد. وسجل المغرب السبق في عملية شراء اللقاح، وتوفيره بالمجان، لجميع المواطنين والأجانب المقيمين بالمغرب، رغم ثمنه الباهظ.
7- التذكير بمشروع تعميم الحماية الاجتماعية، وتأهيل المنظومة الصحية الوطنية.
هناك مجموعة من المشاريع، الهادفة لتحقيق السيادة الصحية، وضمان أمن وسلامة المواطنين. حيث في أقل من سنة، بلغ عدد المنخرطين في نظام التأمين الإجباري عن المرض، أكثر من ستة ملايين من العاملين غير الأجراء وعائلاتهم. وسيتم استكمال التغطية الصحية الإجبارية، في نهاية هذه السنة، من خلال تعميمها على المستفيدين من نظام “RAMED”. اضافة الى مواصلة تنزيل تعميم التعويضات العائلية، تدريجيا، ابتداء من نهاية 2023، وذلك وفق البرنامج المحدد لها. وسيستفيد من هذا المشروع الوطني التضامني، حوالي سبعة ملايين طفل، لاسيما من العائلات الهشة والفقيرة، وثلاثة ملايين أسرة بدون أطفال في سن التمدرس. كما دعا الى إخراج السجل الاجتماعي الموحد باعتباره الآلية الأساسية لمنح الدعم، وضمان نجاعته.
8- المجهود الاقتصادي تأثر بالأزمات الدولية .
رغم تضافر جهود الدولة والقطاعين العام والخاص، حيث تمكن الاقتصاد الوطني من الصمود، في وجه الأزمات والتقلبات، وحقق نتائج إيجابية، في مختلف القطاعات الإنتاجية، لكن الظروف العالمية الحالية، تسببت، إضافة الى نتائج موسم فلاحي متواضع، في ارتفاع أسعار بعض المواد الأساسية. وهو مشكل تعاني منه كل الدول. وتضررت ظروف عيش فئات كثيرة من المواطنين، فقام جلالته بإطلاق برنامج وطني للتخفيف من آثار الجفاف على الفلاحين، وعلى ساكنة العالم القروي. ووجه الحكومة الى تخصيص اعتمادات مهمة، لدعم ثمن بعض المواد الأساسية، وضمان توفيرها بالأسواق. وفي هذا الإطار، تمت مضاعفة ميزانية صندوق المقاصة، لتتجاوز 32 مليار درهم، برسم سنة 2022. وبموازاة ذلك، ندعو لتعزيز آليات التضامن الوطني، والتصدي بكل حزم ومسؤولية، للمضاربات والتلاعب بالأسعار.
9- الدعوة الى التفاؤل واستغلال الفرص وجلب الاستثمار ومحاربة خدمة المصلحة الخاصة .
رغم التقلبات التي يعرفها الوضع الدولي، دعا جلالته الى التحلي بروح التفاؤل ، والتركيز على نقط القوة و الاستفادة من الفرص والآفاق، التي تفتحها هذه التحولات، لاسيما في مجال جلب الاستثمارات، وتحفيز الصادرات، والنهوض بالمنتوج الوطني.
وعلى الحكومة والأوساط السياسية والاقتصادية، العمل على تسهيل جلب الاستثمارات الأجنبية، التي تختار المغرب في هذه الظروف العالمية، وإزالة العراقيل أمامه، لاسيما العراقيل المقصودة، التي يهدف أصحابها لتحقيق أرباح شخصية، وخدمة مصالحهم الخاصة. وهو ما يجب محاربته.
10- الالتزام بالأولويات الجهوية والدولية.
اعتبر جلالة الملك النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، لا يعادله إلا الحرص المتواصل، على معالجة أولويات المغرب، على الصعيدين الجهوي والدولي. وشدد على أن الحدود التي تفرق بين الشعبين الشقيقين، المغربي والجزائري، لن تكون أبدا، حدودا تغلق أجواء التواصل والتفاهم بينهما. بل يجب أن تكون جسورا، تحمل بين يديها مستقبل المغرب والجزائر، وأن تعطي المثال للشعوب المغاربية الأخرى.
ودعا المغاربة، لمواصلة التحلي بقيم الأخوة والتضامن، وحسن الجوار، التي تربطهم بأشقائهم الجزائريين؛ الذين يؤكد لهم جلالته بأنهم سيجدون دائما، المغرب والمغاربة إلى جانبهم، في كل الظروف والأحوال.
11- صناعة الادعاءات وتلفيق التهم لاشعال الفتنة بين البلدين.
هناك ادعاءات تتهم المغاربة بسب الجزائر والجزائريين، فإن من يقومون بها، بطريقة غير مسؤولة، يريدون إشعال نار الفتنة بين الشعبين الشقيقين. وإن ما يقال عن العلاقات المغربية الجزائرية، غير معقول ويحز في النفس. الشيء الذي يبقى مرفوضا ولا يمكن السماح لأي أحد، بالإساءة إلى الأشقاء والجيران. والشعب المغربي، بقيادة جلالة الملك حريصين على الخروج من هذا الوضع، وتعزيز التقارب والتواصل والتفاهم بين الشعبين.
12- التطلع الملكي لفتح صفحة جديدة بين الشعبين المغربي والجزائري.
يتطلع جلالته الى العمل مع الرئاسة الجزائرية، ووضع المغرب والجزائر يدا في يد، لإقامة علاقات طبيعية، بين شعبين شقيقين، تجمعهما روابط تاريخية وإنسانية، والمصير المشترك، وذلك لأن تجاوز الأزمات يتم بفضل التلاحم الدائم بين العرش والشعب، وبفضل تضحيات المغاربة الأحرار، والتشبث بالوحدة الوطنية والترابية، والالتزام بالدفاع عن الرموز والمقدسات.
13- الشكر المعزز للمناسبات الوطنية .
وجه جلالة الملك بمناسبة ذكرى عيد العرش تحية إشادة وتقدير، لكل مكونات القوات المسلحة الملكية، وقوات الدرك الملكي، والأمن الوطني، والقوات المساعدة والوقاية المدنية، على تجندهم الدائم تحت قيادة جلالته للدفاع عن وحدة الوطن وأمنه واستقراره.