د.عبد الفتاح الإدريسي البوزيدي يكتب : لماذا امتحانات الباكالوريا؟

سؤال ذو راهنية كبيرة ، مثقل بأسئلة أنطولوجية كبيرة ،تلخص شقا من واقعنا التعليمي في أسلاكه الثلاثة ، وترصد اختلالاته عبر مسيرة زمنية حبلى بالمتغيرات و ” الاصلاحات” التي تدمن الانتشاء بالتنويم المغناطيسي رغبة في الحصول على مزيد من التخييل لتغطية الحاجة الملحة إلى البكاء على الزمن الجميل .
بعد طول معاشرتي لامتحان الباكالوريا تأكدت من مسوخه رغم المساحيق التي توضع له كل سنة . نقحت ما في سنوات القحط والجفاف من سنوات الخصب ، وضعت أسئلتي بين مزدوجتين خوفا من تعرض أجوبتي لرطوبة التحليل المرتجل ، عرضت القحط والخصب على التحليل الفاحص ، منهجي مستمد من غيرتي على نظام أنا بريء من تشوهاته زغم أنني أنتسب إليه .
لمانا الإبقاء على امتحان الباكالوريا بهذه الصيغة ؟
لم يبق امتحان الباكالوريا تلك اللحظة التي ترتعد لها الفرائص ، وتلك الشهادة التي تنقذ حاصلها من البطالة والإفلاس،والتي كانت تحمل معها بشائر الفرح والخلاص. لقد غدت الباكالوريا حمالة أوجه إنها :
__ استحقاق وطني : كلمة حق يراد بها باطل.
__ استنفار أمني وتنسيق لوجيستيكي بين الوزارات المعنية لضمان السلامة لا النزاهة .
__ هدر للمال العام في العدة والعتاد والتعويضات السخية للمدراء الجهويين والإقليميين على جولاتهم الشرفية على مراكز الامتحانات، وسكوتهم عن خراب المستنقعات .
__إقصاء لذوي الاختصاص من رجال المراقبة التربوية (المفتشون) لرفضهم الانصياع للإصلاح المشوه ، والانسجام مع عنوسة المشي وراء هتافات ناطقة بلسان الحال ، لا يتنازلون عن قناعاتهم وكبريائهم في فترات التعتيم الايديولوجي ،يعيشون اللاحق من أطوار العمر في السابق.
__ ضرب للمقرر الوزاري في الأعماق بتوقيف الدراسة في السلكين : الإعدادي والابتدائي قرابة شهر، وتفويت فرص التحصيل والدعم على التلاميذ وحرمانهم من إتمام المقرر وإجراء الفروض في أوقاتها المعلومة .
__ استدعاء واستنفار لهيئة التدريس بحجة الواجب الوطني لإخماد الحرائق ،واقتحام المغارات ” الأقسام” المجهولة بين التعرض للمهانة والتعنيف ،والاحتياط من فخاخ المتابعة ، سلاحهم الصبر وجزاؤهم شد الحزام على الخصر .
لكل المعطيات السابقة قررت أن أستبدل كلمة باكالوريا ب ( بالاكْ عْليا) وأشعرت زملائي الأساتذة بأنهم أبطال ” طرواديون” تم حقنهم بمادة ” كافيين” وهي كلون أوراق الفلاسفة أكثر عقلانية وأرهف شاعرية ، وأكدت لهم بأننا سجينو ” حق عام ” ( لعلنا كنا عملاء سريين ) حكم علينا بسراح مؤبد .
اجدت وافدت استاذي سيدي عبد الفتاح
تحية للدكتور البوزيدي على تشريحك لهدا الوهم الاسطوري (الباك) الدي اضحى نقطة تحول سلبي من اسلاك الامل الى سلك الواقع المر الموشوم بابواب تكاد تكون مغلقة الا في وجه اهل النفوذ و ما ملكت ايمانهم من اموال الشعب وغباءه.