أقلام حرةالمغرب

هل أصبحت جمعية الصداقة المغربية–الإسرائيلية منصة لفرض وصاية سياسية على الخطاب العام المغربي؟

منذ تأسيسها أواخر 2021، قدمت جمعية الصداقة المغربية–الإسرائيلية للثقافة والتراث نفسها كجسر للتقارب الثقافي بين المغرب و”إسرائيل”، في أعقاب استئناف العلاقات الثنائية بين البلدين. غير أن مواقفها المتكررة خلال السنوات الثلاث الماضية، خصوصًا في سياقات الحروب والتوترات في الشرق الأوسط، تطرح تساؤلات حقيقية حول دورها الفعلي، وتُثير جدلاً واسعًا حول مدى حيادها.

فبدل أن تكرّس الجمعية منطق الحوار والانفتاح، تحوّلت تدريجيًا إلى منصة لمهاجمة كل من يعبّر عن موقف ناقد للسياسات الإسرائيلية. سواء تعلق الأمر بأحزاب سياسية كحزب العدالة والتنمية، أو فاعلين مدنيين، أو حتى نشطاء على مواقع التواصل، لا تتردد الجمعية في إصدار بيانات تُدين وتُخوّن، وتصف تلك الأصوات بأنها “غير مسؤولة” أو “تحرّض على الكراهية”.

وكان آخر مواقف الجمعية شديد اللهجة ضد حزب العدالة والتنمية، على خلفية تنديده بالعدوان الإسرائيلي على إيران. وسبق للجمعية أيضًا أن تضامنت علنًا مع إسرائيل خلال عدوانها على قطاع غزة، في وقت كانت فيه غالبية المغاربة يخرجون في مظاهرات تضامنية مع الفلسطينيين. والغريب أن الجمعية لم تصدر يومًا موقفًا يدين قتل المدنيين في الأراضي الفلسطينية، أو يستنكر الهجمات على مدارس ومستشفيات غزة، بل تلتزم صمتًا مطبقًا في كل ما يخص الانتهاكات الموثقة دوليًا.

وهو ما يدفعنا للتساؤل: هل أصبحت هذه الجمعية تمارس وصاية سياسية على المغاربة، وتسعى إلى احتكار تأويل التطبيع كخيار سياسي لا يُنتقد؟ بل أكثر من ذلك، هل تستهدف الجمعية تجريم المواقف الشعبية المؤيدة لفلسطين، وإعادة صياغة مفهوم “التعايش” ليصبح مرادفًا للطاعة والصمت؟

في كل المحطات، كانت الجمعية تتفادى التفاعل مع المظاهرات الشعبية المغربية التي خرجت دعما لفلسطين، وكأنها تُحرجها، أو لا تنتمي إلى السياق الذي تمثله. بل يُلاحظ أن موقفها يتماشى غالبًا مع الرواية الإسرائيلية، سواء في ما يتعلق بحماس أو إيران أو المقاومة، وتُغفل كليًا مبدأ التوازن في المواقف أو احترام تعدد الرأي داخل المغرب.

خلاصة القول، أن جمعية الصداقة المغربية–الإسرائيلية قد تحولت تدريجيًا من فضاء ثقافي إلى منصة ضغط سياسي، تسعى إلى فرض خطاب أحادي يعتبر كل نقد لإسرائيل “تطرّفًا” وكل تضامن مع فلسطين “انحرافًا عن المسار الرسمي”، في تجاهل صارخ لحق المغاربة، أفرادًا وجماعات، في التعبير الحر عن مواقفهم من قضايا تهم وجدانهم السياسي والإنساني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى