
تتحول مدينة فاس الى محطة علمية وروحية بارزة وهي تستضيف اشغال الاجتماع السنوي السابع للمجلس الاعلى لمؤسسة محمد السادس للعلماء الافارقة. هذا الحدث، الذي يجمع 300 عالما يمثلون 48 بلدا افريقيا، بينها 60 عالمة، يعكس في عمقه مكانة المغرب كفاعل محوري في ترسيخ المرجعية الدينية الوسطية داخل القارة.
المؤسسة، التي اطلقها الملك محمد السادس، اصبحت تشكل فضاء للتعاون العلمي والديني بين المغرب والبلدان الافريقية، من خلال توحيد الجهود لمواجهة التطرف، وتعزيز قيم الاعتدال التي يقوم عليها المذهب المالكي والعقيدة الاشعرية والتصوف السني. هذا الدور يجد مرجعيته في مؤسسة امارة المؤمنين، التي تمنح للمغرب مكانة دينية تحظى باحترام واسع داخل افريقيا.
تصريح العالم التشادي احمد نور يعكس هذا الادراك، اذ يعتبر المغرب “الرائد الاول” في الشأن الديني، مستندا الى مكانة امارة المؤمنين ودورها في حماية ثوابت الدين بمختلف مكوناته الفقهية والعقدية والروحية. هذا الموقف يترجم الثقة التي يحظى بها النموذج المغربي باعتباره ضمانة لاستقرار ديني يعمل على تحصين المجتمعات من الاختراقات الفكرية المتطرفة.
وتحمل هذه الدورة بعدا مهما يتعلق بالحضور النسائي القوي داخل المؤسسة، حيث تشارك 60 عالمة من مختلف البلدان الافريقية، اضافة الى 3 عالمات مغربيات، في خطوة تعزز دور المرأة في التأطير الديني ومواجهة التحولات الفكرية التي تعرفها المجتمعات الافريقية.
على المستوى الاستراتيجي، يشكل الاجتماع مناسبة لتنسيق الجهود بين فروع المؤسسة في القارة، خاصة في ظل وعي متزايد بأن تعزيز الامن الروحي هو جزء اساسي من مقومات الاستقرار العام. فالمغرب يدرك ان الخطاب الديني المتزن هو سلاح فعال امام تمدد الافكار المتطرفة والنزاعات ذات الخلفية العقائدية.
كما ان اختيار فاس، المدينة العريقة ومركز العلم الشرعي عبر التاريخ، يمنح الاجتماع عمقا رمزيا، ويؤكد استمرار دورها في صياغة الوعي الديني داخل الفضاء الافريقي.
خلاصة القول، ان انعقاد الدورة السابعة للمجلس الاعلى لمؤسسة محمد السادس للعلماء الافارقة يؤكد استمرار المغرب في قيادة مشروع ديني افريقي يقوم على الوسطية، ويستثمر ثقل امارة المؤمنين لتعزيز امن روحي مشترك، يجعل المؤسسة فاعلا مركزيا في تشكيل مستقبل ديني اكثر توازنا واستقرارا داخل القارة.




