المغربفاس

فاس.. احكام جديدة تكشف تشدد السلطات في مواجهة الفساد المالي

عادت مدينة فاس لتتصدر العناوين بعد صدور احكام مهمة عن غرفة جرائم الاموال بالمحكمة الابتدائية، وذلك في ملف يتابع فيه خمسة عشر عنصرا من القوات المساعدة، على خلفية شبهة حيازة اموال وممتلكات لا تنسجم مع مصادر دخلهم الرسمية. هذه الاحكام جاءت لتؤكد مرة اخرى ان السلطات القضائية ماضية في نهج صارم لمواجهة الفساد ومحاربة مظاهره اينما وجدت.

وقد كشفت الابحاث التي سبقت المحاكمة عن وجود مؤشرات لافتة بخصوص معاملات مالية اعتبرت مشبوهة، وهو ما دفع النيابة العامة الى تحريك المتابعة في سياق قانون مكافحة غسل الاموال. هذا التحرك يعكس توجها واضحا نحو عدم التساهل مع اي مظاهر للاغتناء غير المشروع، ولو تعلق الامر بعناصر تنتمي الى جهاز امني.

وقضت المحكمة بسنة حبسا موقوفة التنفيذ وغرامة قدرها ثلاثون الف درهم لكل متهم، الى جانب قرارات حازمة شملت الحجز على عقارات ومنقولات، وتحويل ارصدة وحسابات بنكية مجمدة لفائدة الخزينة العامة. وهي خطوات تعبر عن انتقال حقيقي من مرحلة الاشتباه الى مرحلة الردع، مع اعتماد مقاربة تستهدف مصادر الاموال المشبوهة وليس فقط الافعال الجنحية المرتبطة بها.

هذا النوع من الاحكام بات يعكس تحولا ملحوظا في طريقة تعامل الدولة مع قضايا الفساد المالي، اذ لم تعد الملفات تطوى بمجرد الاشتباه، بل تفتح فيها تحقيقات معمقة وتتخذ قرارات لا تقتصر على العقوبات الحبسية، بل تمتد الى ضرب الجذور المالية للفساد عبر المصادرة والحجز والتتبع.

ويرى متتبعون ان تشديد السلطات في هذا النوع من القضايا يحمل رسالة واضحة مفادها ان مكافحة الفساد اصبحت ورشا مفتوحا لا يخضع لحسابات ظرفية، وان تعزيز الثقة في المؤسسات يمر عبر الرفع من منسوب الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، سواء كان المعني موظفا عاديا او ينتمي الى جهاز حساس.

بهذا السياق، يبدو ان قضية فاس ليست سوى حلقة ضمن سلسلة اوسع، هدفها وضع حد لشبكات وممارسات كانت تستفيد لسنوات من غياب الرقابة الصارمة، لتؤكد الدولة اليوم ان زمن التساهل مع الفساد قد انتهى، وان المسار الحالي يسير نحو تجفيف منابعه وتعزيز دولة القانون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى