
عاد من جديد إلى دائرة النقاش الدولي حلم الربط القاري بين أوروبا وإفريقيا عبر نفق ضخم يمر تحت مياه مضيق جبل طارق، وهو المشروع الذي يجمع المغرب وإسبانيا حول طموح هندسي غير مسبوق يهدف إلى وصل القارتين بخط سكك حديدية تحت البحر.
الكلية الإسبانية للمهندسين المدنيين في مدريد احتضنت لقاء تقنيا خصص لعرض آخر مستجدات هذا المشروع الطموح، الذي يتضمن إنشاء نفقين مخصصين للقطارات، أحدهما للركاب والآخر للبضائع، إلى جانب نفق ثالث مخصص للخدمات وحالات الطوارئ.
وأكد خبراء مغاربة وإسبان أن تنفيذ المشروع ممكن من الناحية التقنية رغم صعوبة الطبيعة الجيولوجية للمضيق، مشيرين إلى أن المرحلة الأولى ستتطلب حفر نفق استكشافي تحت البحر قد يمتد العمل فيه بين ست وثماني سنوات.
ويتوقع أن يبلغ عمق النفق نحو 475 مترا، وأن تختصر الرحلة بين طنجة وطريفة إلى نصف ساعة فقط، مع إنشاء محطة رئيسية في بلدة “فيخير دي لا فرونتيرا” جنوب إسبانيا، ضمن مشروع الممر الأورو–متوسطي المستقبلي للنقل.
وتأتي عودة الاهتمام بالمشروع عقب استئناف الدراسات سنة 2023 بتمويل جديد، بلغت قيمته 1.6 مليون يورو، خُصص لتحديث التحليلات التقنية والبيئية والاقتصادية، في إطار التعاون الثنائي بين وزارتي النقل في البلدين.
ويرى خبراء الاقتصاد والبنية التحتية أن هذا النفق يمثل خطوة استراتيجية في تعزيز العلاقات المغربية الإسبانية، وسيساهم في تطوير التجارة الإقليمية وتحفيز الاستثمار، فضلاً عن تسهيل حركة الأفراد والبضائع بين القارتين.
ويعد مضيق جبل طارق من أكثر الممرات البحرية ازدحاما في العالم، لكنه في الوقت نفسه يشكل فرصة فريدة لربط حضارتين طالما جمعتهما الجغرافيا والتاريخ. كما وصف منظمو اللقاء المشروع بأنه “نقلة هندسية كبرى ستجعل من الحلم القديم إنجازا واقعيا في القرن الحادي والعشرين”.



