أقلام حرة

في العطلة : كيف يستعمل التلاميذ أوقاتهم؟

playstore

ليس من شكّ أنّ الاستعمال الأفضل للوقت هو الفارق الجوهري بين النجاح في تحقيق الإنجازات أو الفشل فيها، وغير خاف أن استثمار الوقت فيما يعود بالنفع والفائدة، لا يكون إلاّ بناء على قناعة ذاتية ووعي صحيح بقيمة الوقت وأهميته في ترقي مدارج النجاح، ذلك لأنّ التلاميذ  كلّما أحسنوا إدارة أوقاتهم إلا وسيشعرون بتحسن في أدائهم الدراسي والسير في الاتجاه السديد نحو أهدافهم من أجل النجاح والتفوق.

وبذلك يتفادون الضغوط النّفسية التي يسبّبها تراكم الدروس وضعف التركيز في استيعابها وصعوبة توظيفها واسترجاعها.

sefroupress

إن مردّ سوء استخدام الوقت وخصوصا في العطلة هو الإفراط في السهر أمام التلفزيون أو على الأنترنيت إلى درجة الإدمان وما يستلزم ذلك من الاستيقاظ المتأخر، وهي سلوكات ذات تأثيرات على حيوية نشاط الدماغ. فلا يبقى للقراءة الاستعداد والوقت الكافي، وهذا يجرنا إلى مشكلة القراءة في واقعنا فحسب المندوبية السامية للتخطيط في بحثها الوطني 2011-2012 تبين أن المغربي لا يمنح إلا وقتا ضئيلا للقراءة في يومه في حين يخصص حجما كبيرا من الوقت للبرامج التلفزية..وهذا ما يقود إلى القول بأن لهذه البرامج دورا كبيرا في صناعة الثقافة،       هذا الوضع يعيدنا لطرح سؤال أزمة القراءة وضعف التعامل مع الكتاب. مما يفرض جهودا أسرية ومدرسية وإعلامية لتنبيه التلاميذ لكيفية استعمال أوقاتهم فهي الرأسمال الثمين لديهم لبناء ذواتهم وتحقيق طموحاتهم والإسهام في تنمية وطنهم والاعتزاز بالانتماء إليه.

     هذا، ولمّا كان التلاميذ ينتظرون العطلة بشغف كبير فإن للأسرة مع التلميذ مسؤولية مشتركة في مساعدته على التعامل الجيد مع وقته تبعا لمبدأ إدارة الأولويات وتقديم الأهم قبل المهم فليست كل الأعمال على نفس الرتبة من الأهمية، وإنما تتفاوت حسب دورها في السلّم الذي يرتقيه التلميذ في تجاه أهدافه وجودة حياته، وهذا- بلا شك- أمر لا يتم إلا بانضباط ذاتي يعطي الأسبقية للأهم وفق قيم ومبادئ المنظومة الإسلامية في تحقيق المصلحة وترك المفسدة.

     وإذا بحثنا عن العامل المشترك للنجاح فلا غرو أننا سنجده  هو البدء بالأهم أولا. إذ جميع الناجحين يشتركون في صفة واحدة وهي ترتيب أولوياتهم والبدء في تنفيذها تحت قاعدة الأهم أولا. ولا يتحقق هذا المبتغى إلا إذا كانت تصرفاتنا تتم بناء على قيمنا ومبادئنا وليس وفق رغباتنا واحتياجتنا الظرفية والمؤقتة. وتعتبر قيمة الإيمان هي المرتكز والبوصلة الموجهة لكل خير والمبعدة عن كل شر. فالأهم هو ما ينمّي الإيمان ويؤول إلى النجاح والتفوق.

      وفي العطلة يمكن للتلاميذ التركيز على أمور عدة ذات أولوية في مسيرتهم الدراسية نحو النجاح من ذلك:

  أولا: وقفة تأمل يجري فيها التلميذ تقييما ذاتيا لما سبق من حصص دراسية، فيميز بين ثلاث أمور أساسية. 1 – ما كان إيجابيا ( نقط القوة) يجب الاستمرار عليه.

                           2 – ما كان سلبيا ( نقط الضعف) مما يجب التوقف عنه.

                           3- أمور حسنة كان يتمنى فعلها لكنه لم يقم بها يجب العزم على البدء في تنفيذها.

ثانيا: تقسيم زمن العطلة إلى أجزاء ثلاثة كالآتي:  الأول يخصص للراحة الهادفة لأن من لا يتقن فن الراحة لا يمكنه أن يتقن فن العمل، وهنا يتعين على التلميذ تجنب السهر والحرص على الرياضة خصوصا في وقت مبكر وصلة الرحم  والتواصل العائلي، والمواظبة على الصلاة في وقتها لأنها تدريب عملي على إدارة الوقت بفعالية.  وأما الجزء الثاني فيخصص لمراجعة الدروس المنجزة قبل العطلة وعيون التلميذ على فروض المراقبة المستمرة والامتحانات القادمة لأن الدروس متكاملة في إطار الكفايات النوعية للمادة الواحدة، أو الكفايات الممتدة بين المواد. وأما ثالث الأجزاء فهو الوقت الحر الذي ينبغي استثماره في المطالعة الحرة وتعلم المهارات لأن التلميذ بحاجة إلى رصيد معرفي يمكنه من التعبير عن ذاته ويمنحه الإحساس بقيمة نفسه.

  وبكلمة جامعة، إن جوهر الاستعمال الأمثل والفعال للوقت في حياة كل إنسان عموما والتلاميذ بالخصوص – بعد التوكل على الله – يكمن في أمرين اثنين:

     الأول: تدقيق النظر في العادات القديمة والتخلي عن كل مضيع للوقت.

 

    والثاني: ترتيب الأولويات في لائحة منظّمة تبعا للقيم وتنفيذها وفق مبدأي الانضباط والتوازن.      والله أعلم وأحكم.

playstore

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WeCreativez WhatsApp Support
فريق صفروبريس في الاستماع
مرحبا