المغرب

دة نادية النحلي تقدم تلخيصا لكتابها الجديد "نظام الحماية الاجتماعية بالمغرب في مواجهة فيروس كورونا"

playstore

بسم الله الرحمن الرحيم

نظام الحماية الاجتماعية بالمغرب في مواجهة فيروس كورونا-كوفيد 19

sefroupress

دراسة في التنظيم القانوني وحكامة التنزيل

الدكتورة نادية النحلي

 

أصدرت الأستاذة الجامعية والفاعلة المدنية والسياسية الدكتورة نادية النحلي أستاذة القانون الخاص بكلية الشريعة بجامعة سيدي محمد بن عبد الله كتابها الجديد  في موضوع ” نظام الحماية الاجتماعية بالمغرب في مواجهة فيروس كورونا-كوفيد 19 دراسة في التنظيم القانوني وحكامة التنزيل (ماي 2020)

 وفيما يلي  تعريف من قبل المؤلفة بكتابها الجديد الذي سيشكل لبنة مرجعية للباحثين والأكاديمين ورجال القانون والاجتماع وعموم المهتمين.


مقدمة:

الرعاية لغة من الحفظ والقيام بالشؤون ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: “كلم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”.

والرعاية الاجتماعية اصطلاحا، هي مرادف للسياسة الاجتماعية، وهي أحد أبواب مسؤولية الدولة الأساسية في تحقيق العيش اللائق للمواطن، ومنه الحكومة والحكامة والحوكمة، وكلها تهدف إنفاذ الممارسات الجيدة لحكامة المؤسسات العمومية  على المدى القريب والمتوسط والبعيد لإشباع الحاجات العامة من الحياة الكريمة كحق طبيعي بشمول وظيفي مترابط يكمل بعضه بعضا.

وأما الحماية الاجتماعية فهي المقدمة الطبيعية لبلوغ الرعاية الاجتماعية، وتتحدد أساسا في توفير الحق في المنافع النقدية للفئات المحمية، فتسمى حماية protection  بالمعنى الدقيق، أو تتحدد في توفير الحق في منافع عينية فتسمى مساعدة اجتماعية assistance sociale.

وقد عملت الدولة منذ الأربعينيات وحتى عشرينيات القرن الماضي على بلورة الحق في المنافع النقدية avantages pécuniaires ou monétaire ou en espèces ، فأطلق على هذه الأنظمة حصريا أنظمة التأمين الاجتماعي assurance(نظام المنافع النقدية بدون اشتراكات مسبقة)، وذلك في الدول المتقدمة بدول اليورو والو.م.أ، أو أنظمة الضمان الاجتماعي  sécurité(نظام المنافع النقدية المبنية على أداء اشتراكات مسبقة) بالبلاد النامية كالبلدان الذي تحاكي المغرب في مستوى الدخل الفردي، وكذا مستوى الناتج الداخلي الخام السنوي revenu par habitant.

وتنبني فلسفة الضمان الاجتماعي على تغطية النقص في الدخل من العمل والناجم عن مرض أو عجز، أو أمومة، أو زمانة أو شيخوخة -تدخل دول أخرى في هذا السياق إصابة العمل والبطالة ووفاة المعيل-، كما تتبنى دول أخرى نظاما للرعاية الاجتماعية بمنافع عينية تطال منفعة السكن والتعليم، والرعاية الصحية، والدعم العائلي للأطفال والراشدين الذين لا يعملون وعموما حالات الإقصاء الاجتماعي-دولة قطر نموذجا-.

وتسترسل الدول تبعا لتحقق مستويات التنمية بناء على ارتفاع نسبة النمو سنويا، في الانتقال من هذا المستوى، لبلوغ مستوى استهداف التباين، وكذا استهداف عدم المساواة في أنماط الدخل والإنفاق، وهي أعلى مستويات الحماية الاجتماعية، وتروم تحقيق الإنصاف الاجتماعي – أي الرفاهية.

وتحسب آنذاك – الرفاهية – بالمعايير النقدية (أي حساب مستوى الدخل)، تنضاف إليها العناصر غير النقدية (أي المنافع العينية في إطار المساعدة الاجتماعية)، وهي تتحدد في خمس قدرات بحسب ما راكمناه في إطار ثقافة حقوق الإنسان:

1. القدرات الاقتصادية (الدخل الكافي).

2. القدرات البشرية (-صحة وتعليم وغذاء وسكن وماء شروب).

3. القدرات السياسية (حقوق الإنسان بوجه عام وخاصة الجيل الثالث لحقوق التنمية)

4. القدرات الثقافية والمشاركة المجتمعية.

5. قدرات الحماية، أي الصمود في وجه الصدمات الاقتصادية والخارجية (كجائحة كورونا)

ولعل المتتبع لهذا التنظيم قد وعى بأن اكتمال دائرة المفهوم قد نهلت من التطبيقات المختلفة للدول والتجارب التي تم تطويرها في منتصف القرن الماضي وبداية الألفية، كما يعي أهمية المقارنة بين تجارب الدول berchmaking ، وأخيرا يعي بأن نظام الرعاية الاجتماعية بشقيه (الحماية والمساعدة) هو نظام ينتمي للمتغيرات لا للثواتب régime variable  أو أنه يفرض إصلاحا نظاميا  systémique يلعب فيه عنصر الزمن دورا كبيرا، ويتأثر بتغيرات هيكلية لبنية الساكنة، ويستجيب إليها لزوما.

واستجابة لهذه المعطيات العلمية الثابتة إحصائيا وعلميا، نطرح سؤالا محوريا على التشريع المغربي والحكومة المغربية، ما هي الإصلاحات التشريعية والمخططات الإصلاحية التي اتخذتها السلطات في مسار استراتيجي وتخطيط دقيق للتعاطي مع متغير الحماية الاجتماعية بالمغرب؟

وجوابا نقول: أن طول الملاحظة والرصد أُبت عدم تعاطي رهيب مع تراكمات هذا النظام منذ الاستقلال بالشكل الشمولي المطلوب، وعدم وضع الموضوع في قلب التنمية ولذلك وقفنا اليوم – في مواجهة جائحة كورونا – لنحيك نظاما عاجلا ومتعجلا، ومستعجلا تحت ضغط التحوط من الجائحة وآثارها السلبية على الدخل الفردي لكل مواطن بعد أن توقف تماما في ظل الحجر الصحي.

وهكذا فأبواب المؤلف الخمسة، هي إثباتات خمسة لهذه الملاحظة.

عنوان المؤلف: “نظام الحماية الاجتماعية بالمغرب في مواجهة فيروس كورونا – كوفيد 19 دراسة في التنظيم القانوني وحكامة التنزيل (ماي 2020)

الأبواب الخمسة:

1) الحماية الاجتماعية في الخطب الملكية؛

2) المناظرة الوطنية الأولى للحماية الاجتماعية؛

3.) نظام التعويض عن فقدان الشغل استحالة توظيف التجربة؛

4) النظام المستجد للتعويض الضماني في ظل الجائحة؛

5) الخيارات الاقتصادية للمغرب وإسقاطاتها على الحماية الاجتماعية؛

وقد وضعت فرضية للمؤلف تقول:

1. ثمة سوء تعاطي مع الحماية الاجتماعية، بل واستحالة تعاطي في ظل التراكمات الحالية، ودليله عدم الاستجابة للتعليمات الملكية، وتبني نظرة لا علمية في القوانين المالية للنظام.

2. مما أحال على اختزال لإشكالية النظام في الجانب المالي (أي التمويل).

3. بالمقابل ثمة إغراق كبير في آليات توفير مناخ الاستثمار، أي استجابة منقطعة النظير لوظيفة الدولة في حماية الثروة، وإهدار تام لوظيفة الدولة الاجتماعية.

4. ثم افتقار الدولة – نتيجة لذلك – لأية رؤيا لتدبير المخاطر في أي مجال، وعلى الخصوص في المجال الاجتماعي.

ثم قسمت إثباتاتي لخمس محاور كما  سبقت الإشارة.

I- الحماية الاجتماعية في الخطب الملكية:

منذ خطاب الدورة البرلمانية ( أكتوبر 2017)، تلاه خطاب العرش 29 يوليوز 2018 ، وخطاب ثورة الملك والشعب غشت 2018، وخطاب افتتاح الدورة البرلمانية أكتوبر 2018.

جميع هذه الخطب رصدت لمفاهيم السياسة الاجتماعية بوجه عام، والنموذج التنموي، والقطاع غير المهيكل، والبطالة، وسوق الشغل، والتكوين المهني، والمسؤولية الاجتماعية للمقاولة، ومحاولة إشراك القطاع الخاص، و هدف تطوير السياسات الاجتماعية في القطاعين العام والخاص…، بل من هاته الخطب ما حدد خصائص سلبية لنمط حكامة هاته السياسات، من تشرذم وتفكك انعكس في صياغة القوانين المالية لسنتي 2019 و2020.

II- المناظرة الوطنية للحماية الاجتماعية نوفمبر 2018 ومنتديات العدالة الاجتماعية التي نظمها مجلس المستشارين (- فبراير 2018- فبارير2019) حول الحماية الاجتماعية.

انعقدت المناظرة تحت شعار “من أجل نظام للحماية الاجتماعية مندمج ومستدام” فبعد أن ركزت الأمم المتحدة منذ النصف الثاني من التسعينيات على استراتيجيات الحد من الفقر المنفذ بواسطة البنك الدولي، والمبني على أولوية الحماية الاجتماعية كوسيلة للحد من الفقر والضعف والهشاشة والعجز والتهميش وانقطاع الرزق، أطلق برنامج أهداف الألفية سنة 2000 ، (OMD) وتلاه برنامج أهداف التنمية المستدامة (ODD)، وكلها لم تشكل حافزا كبيرا لإصلاح النظام المغربي.

 فلما كانت وظيفة الدولة هي حماية الثروات والأنظمة الاقتصادية بالدرجة الأولى، تمت تنحية النظرة الاجتماعية باعتبار الحماية الاجتماعية نفقة غير منتجة اقتصاديا، وتم الاكتفاء بميكانيزمات السوق لتنظيم إعادة التوزيع ولم يفلح ذلك طبعا في استبعاد الأزمة الاقتصادية لسنة 2008، وتم الرجوع في إطار التحليل للأوضاع الظرفية للاعتراف بتأثير مضاعف للحماية الاجتماعية على النمو الاقتصادي، تلك حالة الاقتصاد المغربي طبعا، أما التجارب الأجنبية التي عرفت خلال المناظرة فقد انتبهت منذ زمن بعيد (دول اليورو) ودول الجنوب الأمريكي منذ سنة 2000 ودول جنوب شرق آسيا والجنوب الإفريقي إلى تأمين التعويض عن الشيخوخة دون اشتراكات.

لقد عرت المناظرة نواقص نظامنا بشكل ملفت للنظر، واستنجدت بالخبراء الأجانب، وركزت على الجانب التمويلي والحكماتي، إلا أنها لم تخرج بتقرير رسمي لحد الآن، ولم تضع خطة عمل أو خارطة طريق من أي نوع.

وقد كان هذا الباب خاصا بتقرير شخصي أعددته في الموضوع، تقرير خام ذو  مصداقية يسد النقص الرسمي في هذا الباب لم يسبق نشره. 

III-نظام التعويض عن فقدان الشغل:

جاء القانون رقم 14-03 سنة 2014 لخلق تعويض عن فقدان العمل  اللاإرادي على غرار – فقد العمل بسبب الجائحة المستجدة – وهو نظام حمائي تكميلي يروم مرافقة فاقدي عملهم لا إراديا خلال ستة أشهر، شرط التوفر على مدة تأمين توازي 780 يوما خلال 6 أشهر السابقة للتوقف شرط أن يكونوا مسجلين في لوائح وكالة إنعاش التشغيل والكفاءات، أي أن النظام يهم فقط المؤمنين المصرح بهم، كما أنه نظام قاصر عن أن يستجيب للآثار السلبية للمرونة في الشغل، على مستوى البطالة وسوق الشغل، فالأنظمة المشابهة أو الأصلية، -هولندا والدانمارك 1995-1999-، جاءت لتمنح لعمال عقود العمل المحددة المدة (CTD) نفس حقوق العمال في الضمان الاجتماعي كيفما كان نوع العقد، كما خلقت هذه الدول برامج مكملة للبحث والتنمية ٌRecherches et développement وكذا أنظمة للتشجيع على الحركية المهنية بتغيير المسارات المهنية والتشجيع على الابداع.

تلك النواقص وغيرها جعلت الحكومة غير قادرة على الاتكال عليه لتغطية آثار فقد المداخيل الفردية من العمل بسبب الجائحة.

IV-نظام استثنائي ومستحدث للحماية الاجتماعية في ظل الجائحة

من المعلوم أن النظام قسم نفسه بحسب الفئات التي لزم دعم دخولها المتوقفة بسبب الجائحة: 

1. فئة المصرح بهم للضمان الاجتماعي،

2. فئة ذوي بطاقات راميد،

3. وفئة لا من هؤلاء ولا من هؤلاء متروكة لحال سبيلها على الدوام كان الالتفات إليها في ظل الجائحة يروم استباقا صحيا فرضه الفيروس.

فبالنسبة للمصرح بهم للصندوق، هم أولا أجراء القطاع العام والقطاع الخاص، ويبلغ عدد المنخرطين حاليا ثلاثة مليون مغربي (كما جاء على لسان الوزير ) وهو عدد هزيل جدا بالنسبة لعدد الأفراد النشطين بالمغرب (10 مليون)، ويلتحق بهم مليون شخص ممن لا يستقرون في عمل بشكل دائم (أي بطالة مؤقتة يحالون على نظام التعويض عن فقدان الشغل منذ 2014)، أي أن 6 مليون خارج أية تغطية، وفضلا عن هزالة العدد، وقع الاختيار بشكل متعجل على أبسط نظام حسابي  للتعويض لا يفرض أي تعقيد وهو نظام التسقيف (2000درهم)، ولم يتم ربطه بأي مؤشر ولا حتى سلم الأجور، كما أنه لم يفرق بين العمال والمستخدمين والأطر.

وبالفعل، ونظرا لعدم وجود أي تراكم إصلاحي للنظام من أي نوع، فكل المحاولات تتلخص كما سبقت الإشارة في تقاريرالمجلس الأعلى للحسابات ومناظرة وطنية لم تفلح حتى في حث واضعي القوانين المالية على اعتماد رؤية علمية للنظام، وإمعانا في إثبات التجاهل الممنهج لإصلاح نظام الحماية الاجتماعية، لم تقم لجنة اليقظة الاقتصادية باستشارة اللجنة الوزارية المشتركة المكلفة منذ خطاب 2017 بمهمة تدبير إصلاح النظام بالمغرب تحت سلطة رئيس الحكومة.

ولعبت إشكالية الخصاص القانوني (المتمثلة في عدم إصدار المراسيم التطبيقية في إبانها) دورا حاسما في تقهقر فئات كان يمكن أن تستفيد في إطار المصرح بهم كهيئة السائقين المهنيين وخدم البيوت والعمال المستقلين والقابلات والمروضين الطبيين والتجار والفلاحين والصناع التقليديين والمفوضين القضائيين والعدول والمرشدين السياحيين.

ولعل من أهم حسنات الجائحة أنها  أقنعت السلطات بأن مجال الحماية الاجتماعية هو مجال للسلم الاجتماعي  بامتياز الشيء الذي لم يكن واردا حتى قبل كتابات الأكاديميين الذين يربطون السلم الاجتماعيين بتنظيم الشغل والنشاط النقابي المتمثل في الإضراب.

كما أن من حسنات الجائحة هو سن إلزامية التصريح بالأجور وأداء الاشتراكات عبر الوسائل الإلكترونية ابتداء من مارس 2020 بعد أن كانت عملية التصريح اختيارية وورقية، حيث لوحظ أن نسبة انخراط المشغلين بالصندوق مع الجائحة قد بلغت 80% من العدد الإجمالي للمنخرطين، وبلغ عدد المقاولات المنخرطة 114.934 ألف/ مقابل 86.00 سنة 2018.

ويمكن أن نتكلم عن بداية إصلاح ذاتي وجبري للنظام، بل بداية تفعيل لهدف النظام الشمولي المتناسق المندمج المستدام العادل الشفاف الفعال والمسؤول عن الفئات وعن المخاطر، أي أنه لأول مرة في غرفة المستعجلات يستجيب الفاعل العمومي لمسؤوليته الاجتماعية المنصوص عليها في المادة 1 من دستور 2011، أي تكريس الإطار الاجتماعي للدولة.

V-الخيارات الاقتصادية للسلطة الاقتصادية وإسقاطاتها على أهداف الحماية الاجتماعية

إن المغرب بلد نامي اختار الليبرالية الاقتصادية التي تحولت إلى ليبرالية متوحشة مع جرعة متقلبة من سياسة التوجيه لما تمليه المؤسسات الدولية، فقد أكره المغرب في مؤتمر الجزيرة الخضراء في 7 أبريل 1906 على مبدأ الحرية الاقتصادية دون أية لا مساواة في تطبيق المبدأ (المادة 105) وتم تكريس المبدأ في اتفاق فرنسا وألمانيا بشأن المغرب في 4 نوفمبر 1911.

وهي الاتفاقات التي تستجيب لاتفاق أقدم هو اتفاق مدريد 1880 الذي يعترف لكل القوى الممثلة في المؤتمر بحقها – داخل المغرب – وفق معاملة الدولة الأكثر امتيازية (المادة 17).

وهي المقتضيات التي لم يتلوها قط إعلان المغرب بشكل عام على إلغائها مما يتحتم معه القول باعتبارها نافذة إلى يومنا هذا.

ومنذ بسط الحماية، وإطلاق الظهائر المعروفة ب ـ1913 لا زالت السلطة الاقتصادية بالمغرب تقوم على دعائم أربع:

1. حماية حق الملكية وحرية المبادرة؛

2. الخيار الليبرالي وحرية التجارة وحرية تجميع الأموال هي أصل كل قاعدة قانونية لنشاط المقاولة

3. السلطة التأديبية لرب المقاولة إنفاذ لسلطته الاقتصادية؛

4. فلسفة قانون العمل المغربي المبنية على توفير شروط مناخ الأعمال للمقاولة منخلال المرونة في الشغل بدون ضمانات.

 

playstore

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WeCreativez WhatsApp Support
فريق صفروبريس في الاستماع
مرحبا