حينما “يندر” انقطاع الماء… وتُستنزف الفرشة المائية لصالح ضيعات الأغنياء!

في تصريح بدا منفصلاً عن واقع آلاف القرى والحواضر المتضررة من العطش، قال وزير التجهيز والماء نزار بركة إن انقطاع الماء في المغرب “يظل نادراً”، مستشهداً بإحصائيات تقنية لا تعكس معاناة السكان في مناطق متعددة.
لكن خلف هذا الهدوء الوزاري، يطفو واقع صاخب عنوانه: الاستنزاف الممنهج للفرشة المائية، لصالح ضيعات كبرى يملكها مستثمرون أثرياء، مغاربة وأجانب، تتوسع بلا رقيب ولا محاسبة في زراعة منتجات غير مرتبطة بالأمن الغذائي، مثل الأفوكادو، الدلاح، والأشجار التزيينية.
الماء: سلعة للأغنياء؟
في الوقت الذي تقنّن فيه السلطات الماء على الساكنة وتفرض “دورات التزود”، تنعم مزارع فاحشي الثراء بآبار عميقة، ورخص حفر خاصة، بل وحتى تحويل مجاري مياه الأودية.
النتيجة؟ قرى عطشى، صهاريج متنقلة، وساكنة تنتظر دورها في “الحق في الحياة”، بينما تُعبّأ صهاريج أخرى لريّ حقول “الفواكه الغريبة” المعدّة للتصدير.
الاستثمار… على حساب البيئة؟
ألا يجدر بالحكومة أن تراجع هذه المعادلة غير العادلة؟ ألا يستحق المواطن البسيط في جبال الأطلس أو هوامش زاكورة نفس الحق في الماء الذي يُمنح بسخاء لمشاريع الترف الفلاحي؟
الأخطر أن هذا الاستنزاف لا يتسبب فقط في نضوب الفرشة المائية، بل يخلق هشاشة بيئية واجتماعية مقلقة، قد تؤدي إلى نزوح داخلي واحتجاجات عطش تتكرر كل صيف.
المطلوب: عدالة مائية لا تميز بين الأغنياء والفقراء
الحق في الماء ليس رفاهية، بل مبدأ دستوري. وإذا كانت التصريحات الرسمية تصف الانقطاع بـ”الندرة”، فإن الواقع يُظهر أن الماء يُقطع عن الفقراء… بينما لا ينقطع عن مشاريع الأغنياء.
أمام هذا التناقض، لم تعد المشكلة في شح المياه فقط، بل في سوء توزيعها.