حملة “حرّروا أصوات الحرية”: الجزائر بين حقوق الإنسان وضغوط المجتمع الدولي

أطلقت منظمة شعاع لحقوق الإنسان حملة دولية من 5 إلى 10 ديسمبر 2025 تحت شعار “حرّروا أصوات الحرية”، في خطوة تندرج ضمن التحركات المتزايدة للضغط على السلطات الجزائرية لإطلاق معتقلي الرأي. توقيت الحملة لم يأتِ مصادفة، إذ يتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، مما يضاعف الأهمية الرمزية للتحرك ويضع الجزائر تحت المجهر الدولي.
القرار باللجوء إلى حملة دولية يعكس، وفق مراقبين، تصاعد القلق بشأن واقع الحريات في الجزائر، خاصة حرية التعبير والتجمع، وهو ملف ظل محل انتقادات متكررة من منظمات حقوقية دولية. الحملة تأتي كذلك لتذكير السلطات بأن انتهاك حقوق المعتقلين لا يقتصر على الانتهاكات الفردية، بل يمثل مؤشرًا على مستوى التزام الدولة بالقيم الديمقراطية الأساسية والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الجزائر.
من منظور تحليلي، هذه الحملة تعكس عدة أبعاد: أولها البعد الحقوقي المباشر، أي الدفاع عن معتقلي الرأي ورفض التجريم السياسي لمواقف وآراء تختلف مع السلطة. ثانيها البعد الرمزي، إذ تهدف الحملة إلى توسيع مساحة التضامن الدولي، وإشراك المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية العالمية في إحداث ضغط دبلوماسي وأخلاقي على الحكومة الجزائرية. ثالثها البعد الإعلامي، حيث يسعى المنظمون إلى تحويل القضية إلى قضية رأي عام عالمي، ما يزيد من صعوبة تجاهل المطالب ويضع السلطات في موقف دفاعي أمام الرأي الدولي.
وتبرز هذه المبادرة ضمن سياق أوسع يشهد فيه الحراك الحقوقي الجزائري تحديات مستمرة، إذ تواجه المنظمات المحلية صعوبات كبيرة في الدفاع عن معتقلي الرأي والتعبير بحرية، بسبب القيود القانونية والإجراءات الإدارية الصارمة. لذلك، يمثل اللجوء إلى حملات دولية وسيلة استراتيجية لتجاوز الحواجز المحلية، وتوجيه رسالة قوية بأن انتهاك حقوق الإنسان لا يمكن أن يبقى محليًا دون أن يثير اهتمام المجتمع الدولي.
في المحصلة، حملة “حرّروا أصوات الحرية” ليست مجرد نشاط احتجاجي مؤقت، بل جزء من ضغط طويل الأمد على النظام الجزائري لمراجعة سياسته تجاه الحريات الأساسية. وهي تؤكد أن حقوق الإنسان تبقى أداة رقابة دولية ووسيلة ضغط أخلاقي وسياسي، وأن الاعتقال على أساس الرأي لا يمكن أن يمر مرور الكرام في مجتمع متصل وعالمي يولي هذه الحقوق أهمية قصوى.



