وجهت عدة جمعيات انتقادات لاذعة لما تقدمه قنوات القطب العمومي خصوصا القناة الأولى والثانية و”ميدي1 تيفي” بسبب الرداءة والاستخفاف بحقوق المشاهد والمستهلك المغربي خلال برامج شهر رمضان، متسائلين في نفس الوقت عن دور هيئات الرقابة خاصة لجن الأخلاقيات والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري. مسؤولو بعض الجمعيات قالوا في تصريحات ل “التجديد”: “إن برامج القنوات الثلاث يهيمن عليها البعد التجاري بالأساس من خلال الحضور المبالغ فيه للإشعار، كما أن تلك البرامج تهمش البرامج الدينية على قلتها وتعمد إلى بثها في أوقات ميتة خارج وقت ذروة المشاهدة.
وأكد الفاعلون المدنيون أن الاستخفاف بالمشاهد وعدم احترامه واستمرار التقصير في البرامج الدينية كما وكيفا ووجوها هي عناوين تؤطر ما تبثه القنوات المذكورة مما يدفع العديد من المواطنين إلى البحث عن بدائل خارج القنوات الوطنية. عبد العزيز بنعبو، الكاتب العام للجمعية المغربية لحقوق المشاهد، قال ل” التجديد” “نسجل استمرار الرداءة والضحك على ذقون المشاهد المغربي الذي كان ينتظر أن تأتيه شبكة برامج قنواته الوطنية في رمضان بمنتوج يحفزه على المشاهدة وعيش أجواء رمضان كباقي الناس، لكنه مع كامل الأسف يصدم بحائط سميك لا يهدم لا بالنقد ولا بالملاحظات ولا حتى بالاحتجاجات التي نظمنا بعضها في السابق”. وأضاف بنعبو، إن هذا الحائط الذي يصدم المشاهدين، هو “حائط الرداءة والاستهتار والاستخفاف بحق المشاهد المغربي في فرجة حقيقية ممتعة وبليغة في نفس الوقت”. من جهته قال بوعزة خراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك التي تضم 43 جمعية على امتداد التراب الوطني، إن برامج رمضان لا تحترم المستهلك بشكل عام، وأنها ذات بعد تجاري محض وتستغل وقت الإفطار بمدد زمنية كبيرة ومداخيل استثنائية لتغرق المستهلك بعشرات الوصلات الإشهارية. وتساءل خراطي في حديثه ل “التجديد” عن أدوار لجن الأخلاقيات ومؤسسات الرقابة خاصة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري. المسؤول الجمعوي انتقد أكثر من وصلة إشهارية اعتبرها مسيئة، منها واحدة يقدمها صاحب برنامج “استهلك بلا ما اتهلك” واعتبرها تمارس الخلط والتحايل على المستهلك الذي كان يتابع البرنامج بعناية لكنه يفاجأ أن الموضوع يتعلق بمادة إعلانية وليس ببرنامج تحسيسي، وسجل أن القليل فقط ببرامج رمضان مستحسن وأن الباقي دون المستوى.مولاي عمر بنحماد، النائب الأول لرئيس حركة التوحيد والإصلاح قال ل “التجديد” “كنا نتمنى أن يكون رمضان فرصة لتدارك التقصير العام فيما يخص البرامج الخادمة للقيم الإسلامية على القنوات العمومية، لكن هذه القنوات واصلت التقصير وظلت شاردة حتى في رمضان”. بنحماد انتقد الحضور الضعيف للبرامج الدينية على تلك القنوات خلال رمضان بالإضافة إلى بثها في أوقات ميتة وكذا غياب التنويع في وجوهها وقصر مدتها مبديا ملاحظات أيضا على مضمونها. أمام هذا الواقع يتابع بنحماد، “قنواتنا تتحمل الكثير من المسؤولية، فلو استجابت لهذه الرغبة على مستوى المضمون وتنويع الوجوه لما هجرها المشاهدون”. وانتقد بنحماد ما وصفه بالحصار الذي تضربه هذه القنوات على مجموعة من أعلام المغاربة الذين يملأون الدنيا، ولا يتم استحضارهم بالإعلام العمومي الوطني، وهو ما ينبغي تداركه مستقبلا يطالب بنحماد. الفاعل المدني قال حول تذرع القنوات الوطنية بوجود قناة السادسة المتخصصة في الشأن الديني، إن قناة السادسة لها دور متميز ومهم، لكن هذا لا ينبغي أن يكون مسوغا للتقصير الذي تشهده القنوات العمومية، مستغربا المواجهة بهذه الذريعة حينما يهم الأمر البرامج الدينية وغيابها مع البرامج الرياضية حيث وعلى الرغم من وجود قناة رياضية نجد برامج متنوعة للرياضة بمختلف القنوات. يشار إلى أن تقلص حجم ونوعية ومدة البرامج الدينية في رمضان على القنوات العمومية يأتي على عكس مقتضيات دفاتر التحملات التي تتحدث عن برامج دينية يومية تفاعلية تبسط مفاهيم الدين، والتي خصت شهر رمضان ببرامج خاصة خارج البرمجة الاعتيادية كما نصت على ذلك المادة 30 من دفتر التحملات الخاص بالقناة الأولى والتي تقول بتخصيص برامج تتعلق بالإسلام والأحداث الدينية خلال شهر رمضان، وبالنسبة للقناة الثانية فإن دفتر التحملات يلزمها في المادة 25 بالإضافة إلى برنامج أسبوعي تفاعلي بتخصيص حلقة شهرية منتظمة تعنى بالاجتهاد الفكري والتجديد بشأن القضايا المجتمعية الراهنة.