
احتضنت مدينة فاس ندوة علمية وحقوقية سلطت الضوء على التحديات والرهانات المرتبطة بتنزيل مقتضيات قانون العقوبات البديلة، في سياق النقاش الوطني حول تحديث السياسة الجنائية وتخفيف الضغط على المؤسسات السجنية.
اللقاء، الذي شهد حضوراً وازناً لأساتذة القانون الجنائي، وقضاة ومحامين وممثلي المجتمع المدني، نظم تحت إشراف هيئات جامعية ومؤسسات قضائية، وسعى إلى خلق فضاء للحوار والتأطير العلمي بشأن كيفية تطبيق هذه المقتضيات الجديدة على أرض الواقع، بما يضمن العدالة والنجاعة في تنفيذ العقوبة.
وشدد المتدخلون على أن العقوبات البديلة ليست مجرد آلية للتقليص من الاكتظاظ داخل السجون، بل تمثل تحولاً بنيوياً في تصور العدالة، يعكس توازنًا بين ضرورة الزجر واستحضار الطابع الإصلاحي للعقوبة. وقد تم التوقف عند عدد من الإكراهات التشريعية والبنيوية واللوجستية التي قد تعرقل التطبيق السليم، أبرزها غياب آليات التتبع، وضعف التنسيق بين الفاعلين، وغياب التكوين المتخصص.
كما طرحت تساؤلات جوهرية حول الفئات التي يمكن أن يشملها هذا النوع من العقوبات، وكيفية ضمان تكافؤ الفرص أمام جميع المواطنين دون تمييز، في ظل تخوفات من تحوله إلى امتياز غير معلن لفئات اجتماعية دون غيرها.
الندوة أجمعت في توصياتها على ضرورة مأسسة العقوبات البديلة في إطار استراتيجية وطنية واضحة، تعزز دور المجتمع المدني في التنفيذ والمراقبة، وتربط بين العقوبة والإدماج الاجتماعي، بما ينسجم مع توجهات العدالة التصالحية وحقوق الإنسان.
وتأتي هذه الندوة في سياق حراك وطني متنامٍ بشأن إصلاح منظومة العدالة الجنائية، بعد مصادقة البرلمان على القانون الجديد المتعلق بالعقوبات البديلة، والذي اعتُبر خطوة جريئة نحو عدالة أكثر مرونة وإنسانية.