المغرب

بيان جيل Z


“وإذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟
كل هؤلاء يقول كفى، واتقوا الله في وطنكم… إما أن تقوموا بمهاكم كاملة، وإما أن تسحبوا.
فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون”

مقتطف من الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الثامنة عشرة لعيد العرش المجيد (29 يوليو 2017)

نحن شباب هذا الوطن، الذين خرجوا في مظاهرات سلمية ومسؤولة منذ يوم 27 شتنبر 2025، لم نخرج بحثًا عن العنف أو الفتنة، بل طالبين بحقوق مشروعة لكل المغاربة: تعليم كريم، وصحة تحفظ الكرامة، وفرص عمل حقيقية، ومحاربة الفساد، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية.

لقد تابعنا بحذر أن الحكومة التزمت الصمت لأيام طويلة بعد انطلاق الاحتجاجات، قبل أن يظهر بعض أعضاء الحكومة ليعلنوا رغبتهم في “الحوار” مع ممثلين عن الشباب. ونحن نؤكد أن هذه الحركة لم تُولد من حزب ولا من تنظيم ولا من جهة، بل هي صرخة وطنية شبابية نابعة من واقع يعيشه جميع المغاربة. لذلك، لا يمكن لأي شخص أو مجموعة أن تُكلّف بتمثيل المواطنين أو التحدث باسمهم، لأن هذه المطالب مطالب شعب بأكمله، لا فئة محددة.

كما نؤكد أن الحوار مع الحكومة الحالية له، لأنها حكومة في نهاية ولايتها، وقد بنت برامجها الانتخابية أصلاً على نفس المطالب التي نرفعها اليوم، لكنها أخلقت الوعود ولم تلتزم بتعهداتها. لقد انتهى الوقت للمناورات السياسية، وأن أوان الحساب والمساءلة.

ونشير أيضًا إلى أنه في سنة 2019، دعا جلالة الملك محمد السادس إلى بلورة نموذج تنموي جديد، معتبرًا أن السياسات العمومية السابقة حققت بعض التقدم، لكنها ظلت دون تطلعات المواطنين. ومن أجل ذلك، تم إحداث اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، التي أنجزت بعد مشاورات وطنية واسعة (شملت عدة جولات من الحوار مع مختلف مكونات المجتمع المغربي). تقريبًا شاملاً في سنة 2021، قدّم خارطة طريق واضحة لبناء المغرب العدالة الاجتماعية والكرامة الاقتصادية.

إلا أن هذا التقرير، بكل ما حمله من آمال وأهداف، لم يتم تنزيله من طرف الحكومة الحالية، التي اكتفت بالشعارات وتجاهلت جوهر الإصلاح. وهكذا، ليست المشكلة في الحوار، كمفهوم، بل في فقدان الثقة في المتحاور، والشك في قدرته أو رغبته في التنفيذ.

بناءً على ما سبق، نعلن ما يلي:

فقداننا الثقة الكاملة في الحكومة الحالية، التي فشلت في الوفاء بوعودها الانتخابية وفي الاستجابة للمطالب الاجتماعية العادلة للمواطنين.

تحميلنا المسؤولية المشتركة للأحزاب السياسية، سواء المشاركة في الحكومة أو المعارضة، لغياب دورها في المراقبة والمساءلة والدفاع عن مصالح المواطنين.


مطالبتنا بالاستقالة الفورية للحكومة الحالية، باعتبارها فقدت شرعيتها.

تأكيدنا أن احتجاجاتنا سلمية، مسؤولة، وطنية، وأننا ماضون في التعبير الحضاري عن مطالبنا إلى أن يتحقق الإصلاح الحقيقي.

بعد سنوات من الانتظار والتأجيل، نطرح أمام الرأي العام الوطني والدولة العربية الأولوية للإصلاح، وهي مطالب وطنية واضحة يمكن تفصيلها لاحقًا:

  1. إصلاح جذري لمنظومة التعليم بما يضمن تعليمًا مجانيًا، عصريًا، وعادلًا في الفرص، ويربط التكوين بسوق الشغل ويعيد الاعتبار للمدرسة العمومية والمعلم.
  2. إصلاح شامل لقطاع الصحة عبر رفع ميزانية الصحة، وتوفير مستشفيات مجهزة وموارد بشرية مؤهلة، وضمان الولوج إلى العلاج لكل المواطنين بكرامة وعدالة.
  3. قضاء مستقل ونزيه يضمن المساواة أمام القانون، ويحجي الحقوق والحريات، ويقطع مع كل أشكال الفساد أو التدخل في العدالة.
  4. خلق فرص شغل حقيقية للشباب عبر سياسات تشغيلية جريئة، دعم المقاولات الصغيرة، وتحفيز الاستثمار المنتج، وتشجيع المبادرات الذاتية والتكوين المهني الجاد.
  5. تطهير المؤسسات العمومية والإدارية من الفساد والزبونية، وتعزيز مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، مع تفعيل المساءلة الفعلية لكل من أخلّ بواجباته أو استغل منصبه.
  6. عدالة في توزيع الموارد والتنمية المجالية من أجل متوازن بين المدن والقرى، بين المركز والجهات، وتحقيق الإنصاف في المشاريع والبنيات التحتية والخدمات العمومية.
  7. إشراك الشباب في القرار عبر فتح المجال أمام الكفاءات الشابة لتولي المسؤولية السياسية والإدارية، وتمكينها من المشاركة الفعلية في صياغة السياسات العمومية وصناعة المستقبل.

ختام

إن صوتنا ليس صرخة غضب عابرة، بل نداء وطنٍ صادق لاستعادة الثقة بين الدولة والمواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى