مواجهة مواطن لوزير الصحة تكشف عمق ازمة المستشفيات

في تطوان، وجّه مواطن سؤالا مباشرا لوزير الصحة حين قال كيف يعقل ان يغيب الطبيب عن المستشفى العمومي بينما يستقبلك اولا في المصحات الخاصة هل اصبحت صحة المواطن تجارة هذه الكلمات تختصر ما يعيشه ملايين المغاربة في علاقتهم بالمنظومة الصحية العمومية حيث تتحول رحلة العلاج الى معاناة طويلة تبدأ بالانتظار امام ابواب المستشفيات وتنتهي غالبا بخيبة امل او فاتورة باهظة في القطاع الخاص
الحدث لم يكن مجرد موقف فردي بل هو تعبير صريح عن فقدان الثقة في خدمة عمومية كان من المفروض ان تضمنها الدولة للمواطن بشكل عادل ومنصف فغياب الاطباء وسوء التدبير ونقص التجهيزات اصبحت سمات متكررة في معظم المستشفيات بينما يلمس المواطن وجها آخر تماما في المصحات الخاصة حيث الحضور الفوري والاستقبال المنظم لكن بثمن لا يقدر عليه اغلب الاسر
هذه المفارقة الصارخة تثير اسئلة كبرى حول معنى الحق في العلاج وحول حدود التزام الدولة بواجبها تجاه مواطنيها فهل يعقل ان يدفع المواطن الضرائب لتمويل قطاع صحي عمومي لا يجد فيه سوى الانتظار والاهمال ثم يجد نفسه مضطرا للجوء الى القطاع الخاص من اجل الحصول على ابسط خدمة طبية
الازمة بلا شك لها اسباب موضوعية مثل ضعف الاجور قلة الموارد البشرية هجرة الكفاءات لكن ذلك لا يعفي من المسؤولية الاخلاقية والمهنية للاطر الطبية ولا من دور الرقابة الحكومية التي يفترض ان تضمن حضور الطبيب في مكان عمله الاصلي الذي يمول من المال العام
مواجهة المواطن مع الوزير كشفت حقيقة يعرفها الجميع لكنها نادرا ما تقال بصوت عال وهي ان صحة الناس في المغرب تقف اليوم على حافة الخطر وان المطلوب ليس ترقيعات ظرفية بل اصلاح جذري يعيد الاعتبار للمستشفى العمومي ويضع حدا لتضارب المصالح بين القطاعين العام والخاص فحياة المواطنين لا يجب ان تبقى مجالا للتجريب ولا ميدانا للمتاجرة




