المغرب

المندوبية السامية للتخطيط: حينما تُكذّب الأرقام جيوب المغاربة

في تصريح يثير الكثير من الاستغراب، نفت المندوبية السامية للتخطيط وجود أي موجة غلاء حقيقية تمس الأسواق المغربية، معتبرة أن تطور الأسعار يسير وفق منحى “طبيعي” لا يدعو للقلق. غير أن هذا الموقف الرسمي يصطدم بجدار الواقع اليومي للمواطنين، الذين أصبحوا عاجزين عن مجاراة الارتفاع الصاروخي في تكاليف المعيشة، خاصة في المواد الغذائية الأساسية.

فرغم محاولة المندوبية طمأنة الرأي العام بالحديث عن استقرار الرقم الاستدلالي، إلا أن أبسط جولة في أي سوق شعبي تكشف العكس تمامًا: أسعار اللحوم، الأسماك، الخضر، وحتى الحبوب تعرف ارتفاعات متواصلة لا تُخطئها عين ولا جيب. فهل الأرقام المحسوبة على الأوراق تُلغي واقع الطوابير أمام محلات البقالة، والانكماش الاستهلاكي الذي بات يُهيمن على الأسر المغربية؟

الأكثر إثارة للقلق أن المندوبية، بصفتها مؤسسة تقنية يفترض أن تنقل نبض المؤشرات الاقتصادية بشفافية وتجرد، اختارت تموقعًا دفاعيًا أقرب إلى تبرير الوضع بدل قراءته بموضوعية. فهل يعقل أن توصف شكاوى المواطنين وملاحظات المهنيين في مختلف الأسواق بـ”مزاعم”، في وقت تعترف فيه تقارير بارتفاع كلفة المعيشة بالمغرب؟

إن استمرار المؤسسات الرسمية في تبني روايات وردية لا تنسجم مع الواقع المعاش يُفقد ثقة المواطن في الأرقام ، ويعمّق الفجوة. فالمغاربة لا يطلبون تفسيرات تقنية بقدر ما ينتظرون اعترافًا صريحًا بالأزمة، يتبعه تفعيل فوري لإجراءات ملموسة تخفف الضغط على القدرة الشرائية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى