كرونيك الدكتور طارق عبيبو
يواصل المغرب جهوده الحثيثة في تفكيك الخلايا الإرهابية المرتبطة بتنظيم داعش، ما يعكس حجم وخطورة التهديدات الإرهابية التي تستمر في التطور. وتؤكد التقارير الدولية، بما في ذلك تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2024، أن المملكة تتصدر قائمة الدول الأكثر كفاءة في مكافحة الإرهاب، حيث تحتل مكانة متقدمة ضمن أفضل 10 دول عالمياً في هذا المجال.
تفكيك شبكات إرهابية متعددة وانتشار الخطر
جاء تفكيك خلية إرهابية كبيرة يوم 19 فبراير الجاري، بعد أسابيع من عملية سابقة استهدفت خلية إرهابية في حد سوالم. وضمت هذه الشبكة 12 شخصًا كانوا يخططون لتنفيذ هجمات في 9 مدن مغربية، بما في ذلك الدار البيضاء، فاس، طنجة، العيون وتاونات.
وأظهرت المعطيات الأمنية أن هذه الخلية كانت مسلحة بأسلحة خطيرة، بما في ذلك بنادق كلاشنيكوف ومتفجرات، ما يعكس تصاعد مستوى التهديد الإرهابي. وتشبه هذه العملية إلى حد كبير عملية أمغالا عام 2011، عندما تم ضبط 33 بندقية كلاشنيكوف وقذائف صاروخية ومعدات عسكرية خطيرة، ما يؤكد أن التنظيمات الإرهابية تسعى إلى تعزيز قدراتها الهجومية واستهداف مواقع استراتيجية.
زعيم إرهابي إقليمي وراء المخطط
كشفت التحقيقات أن هذه الخلية كانت بتوجيه مباشر من الإرهابي الليبي عبد الرحمن الصحراوي، أحد كبار القادة في تنظيم داعش في منطقة الساحل. هذا الأخير كان يسعى إلى نقل عمليات داعش إلى المغرب عبر خلايا منظمة تهدف إلى إحداث فوضى وترويع السكان، بالإضافة إلى استهداف منشآت حيوية ومصالح أجنبية.
المغرب.. نموذج في الحرب ضد الإرهاب
أكد تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2024 أن المغرب يعتمد على استراتيجية شاملة لمحاربة الإرهاب، تشمل الجهود الأمنية، والإصلاحات التشريعية، والتعاون الدولي، وبرامج مكافحة التطرف وإعادة التأهيل. وتُظهر الأرقام أن هذه المقاربة فعالة للغاية، حيث تمكنت السلطات المغربية من تفكيك عشرات الخلايا الإرهابية ومنع وقوع هجمات خطيرة خلال السنوات الأخيرة.
المغرب ليس فقط عضواً نشطًا في التحالف الدولي ضد داعش، لكنه أيضًا يتولى رئاسة المجموعة الإفريقية لمحاربة الإرهاب. ويعمل مع الأمم المتحدة من خلال “منصة مراكش لرؤساء وكالات مكافحة الإرهاب”، التي تُعقد اجتماعاتها سنوياً في المغرب لتعزيز التنسيق الأمني بين الدول الإفريقية.
نهج أمني قوي وتعاون دولي واسع
يركز المكتب المركزي للأبحاث القضائية (BCIJ)، وهو الذراع القضائي لمحاربة الإرهاب، على تحليل البنية التنظيمية للجماعات الإرهابية، وكشف مصادر تمويلها، وتتبع شبكاتها. ويعتمد المغرب على نهج شامل يجمع بين المراقبة الأمنية الصارمة والتعاون الإقليمي والدولي، والبرامج الاجتماعية لمنع التطرف.
من جهة أخرى، تسعى المملكة إلى ترسيخ مبدأ “عدم ربط الإرهاب بدين أو عرق معين”، وهو ما يعزز دورها كفاعل أساسي في مكافحة الإرهاب على المستوى العالمي والإفريقي.
المغرب في طليعة الدول المحاربة للإرهاب
يظل المغرب في الخطوط الأمامية لمحاربة الإرهاب، ويواصل إحباط المؤامرات الإرهابية قبل تنفيذها بفضل جاهزيته الأمنية العالية وتعاونه الدولي الوثيق. وبينما تتزايد تهديدات داعش في منطقة الساحل، يواصل المغرب تعزيز أمنه الوطني والمساهمة في الجهود الدولية لضمان الاستقرار الإقليمي والدولي.
