أقلام حرة

الدكتور حميد لحمر يكتب : "التـأسيس و التأصـيل لعلم السلوك و الـتصوف في المؤلفات الفـقـهـية المالكية"

playstore

التـأسيس و التأصـيل  لعـلـم السلـوك و الـتـصوف في المؤلـفـات الفـقـهـيـة  المالكيـة

أ/الدكـتـور حـميـد لحمر أستاذ التعليم العالي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله فـاس.

pellencmaroc

          تـهـدف هـذه الكلـمة التنبيه على مسألة في غـاية الأهـمية ، انفـرد بها السادة فـقهاء المالكية في مؤلفاتهم ، و منهم مالكية الغـرب الإسـلامي  ،و قـد اقـتـدوا فـيـها بالإمام مالك –رضي الله عـنه- من خـلال كتابه الموطأ.

        فـمن المعـلوم أن عـالـم المـدينة الإمام مالك بن أنس – رضي الله عنه- قـد ضمن كتابه  الموطأ بآخـره كـتابـا سـماه: “كتاب الجـامع” و كـتاب الجـامع هـذا ،وضـح أغـراضـه و أهـدافـه القـاضي أبو بكر بن العـربي المعـافـري في كتابـه: ” القـبس في شرح موطـأ مالك بن أنس” حـيـث قـال –رضي الله عنه-  في أول كتاب الجامع  :

“هـذا كـتاب اخـتـرعـه مالك رحمه الله في التصنيف لفـائدتيـن :

       أحـدهـما : أنه خـارج عـن رسم التكـليـف المتعـلق بالأحكام التي صنفها أبوابا و رتبها أنواعـا.

       و الثـاني : أنه لما لحظ الشريعة و أنواعها ،و رآها منقسمة إلى أمر و نهي ،و إلى عـبادة و معـاملة ،و إلى جـنايات و عـبادات ، نظمها أسلاكا ، و ربط كل نوع بجنسه ، و شذت عـنه من الشريعة معان مفردة،  لم يتفق نظمها في سلك واحد لأنها متغايـرة المعاني ، و لا أمكن أن يجعـل لكل منها بابا لصغـرها ، و لا أراد هو أن يطيل القول فيما يمكن إطالة القول فيها ، فجمعها أشتاتا ، و سمى نظامها كتاب الجامع ، فطرق للمؤلفـين ما لم يكونوا قـبل ذلك به عالمين في هذه الأبـواب كلها …….” القبس شرح موطا مالك بن أنس :3/1082 كتاب الجامع )                  فكـما هـو واضح من خـلال نص القاضي أبي بكر بن العـربي ، أن الإمام مالكا –رضي الله عـنه- بعـد ضـبـطه للتكاليف المتعـلقة بالأحكام الواجبات ، و التي لابد من معـرفـتها ، انتقـل إلى قسم النوافـل ، و هـي كثيرة متنوعـة، منها: ما يتعـلق بتطهـير النفس  مـن الشـوائـب و تـزكيـتها  ،  بالفضائل و الأخلاق ، مما يسعى لأجـله أهـل التصوف .

   و بالـرجـوع إلى هـذا النوع من التألـيف الذي اخـتـص و تـميـز به فـقهاء المالكية،  و الوقـوف على مضامينه ، سـنجـد بأن مما يشتمل عـليه ، فـقـرات تضم بعض ما نذب إليه من الفـضائل و الأخـلاق ، مما يدخـل ضمن وسائل و آلـيـات  السمو بالنفس وتطهـير القـلـب ، و توجـيه النفس نحو الـدرجـات الـعــلا.

           ذلكم لأن القـلب ، هـو العـنصر المحوري في شخصية المسلم عموما ، و هـو مـصدر الصلاح أو الفساد فيه ، فـإذا صلح ، صلح ما سواه ، و إذا فسد ، فسد ما سواه ، و لهـذا اعـتـنى فـقهاء المذهـب المالكي بفـقه النفـس ، و بالـتربـية القـلـبـية الـروحيـة غـاية الاعـتـنـاء ، فخـتـموا كـتـبهم الفـقـهـيـة بعد المقـدمة العـقـدية ، و قسمي فـقـه العـبادات و المعـامـلات ، بكـتاب الجامع ، و كان مما أدرجـوا فـيه ، مجموعة من مبادئ السالكيـن ، فكـان هـذا تـنـبـيـها على هـذا الجانب الـروحي المهم فـي حـياة الإنـسان .

     و معـلوم لـدى الجميع ، أن   تـزكـية النفـس ، و تـطهـير القـلـب الـذي يسعى لأجـله أهـل التصوف – بعـد أداء الفرض، – و هو هـدفـهم الأسـمى ، لم يغـفـله السادة فـقـهاء الـمالكـية بكتـبـهم الفـقـهـية،-إلى جانب من أفـرده بالتأليف من المتأخرين .

      و لأجـلـه ،قـلت بأن التـأليف الفـقهـي المالكي ، مما يتميز به إلى جـانب االمبـاحـث الفـقهـية بقسميها : قـسم العـبادات و قـسم المعاملات ،  أن أضافـوا إليها، قسما آخر، بآخـر دواويـنـهم كـتابا، يسمى ب”كتاب الجامع” ، وهو –إلى جانب ما يشتمل عليه من مختـلـفـات-  يشتمل على مبـاحـث في الفـضائل و القـربات و النوافـل و الأخـلاق ، و بعـض السلوكات التي يجب أن يتحـلى بها كل مسلم سالـك، و هي مـبـنية على الكـتاب و السنة .

      فكان هذا النوع من التألـيف بمثابة محـاولـة الـتأسيس و التـأصـيل  لعـلم السلوك عـنـد السادة فـقهاء المالكية ، ومنهم فـقهاؤنا المغـاربة  ، و سيـتـطـور فيـما بـعـد مـع بـعـض العـلماء ، و سيـعـملون على إفـراده  بالتألـيـف. 

      فلو أخـذنا على سبيل المثال ، أنموذج القاضي ابن العـربي  من خلال كتابه القبس  ، سنجـده  يتناول فيه مباحث شيـقـة في غايـة الأهميـة ، الشأن فيها أن تساهم في تـزكية النفـس و تطهـير القـلب ، و منها مسألة الذكـر ، و الـذي يعـتبر مخ العـبادة عـند رجـال التصوف ، قـال فـيـه :

” و أما الباب الثالث : في الكلام بغـير ذكر الله تعالى ، فإن مالكا رضي الله عنه عـقده عـقدا بديعـا لــنكـتة صــوفـيـة . و ذلك أن اللسان عبد الله ، فلا ينبغي أن يذكر سواه ، فتكون خدمة عـبد لغـير مولاه، و هذا هو أصل الدين، و الذي عليه كافة المسلمين .

 و من شـيوخ الـصـوفـية من كان يـرى ألا يذكر الله تعالى ،و يقـول: و مثلي يذكره ، و الله لا أذكره حـتى أغسل فـمي من ألـف توبة متقـبلة , منهم سمنون المحبة ، و هـذا لا يجـري على قـوانين الشريعة ، و إنما على العـبد أن يذكـر ربه كان مطيعا له أو عاصيا ، و الخلاف الذي قدمناه من الصـوفيـة ، إنما هو في ذكر النفل ، لا في الفرض ، ثم إن الله تعالى جوز للعـبد لحاجة النفـس أن يتكلم في معاشه و رياشه بغـير ذكـر ربه ، قـالت الـصـوفـية :و ينوي بذلك كله وجه الله تعالى، فـيعـود الكل إلى ذكر الله عـز وجـل ، حـتى لا يتكلم العـبد بأقـوال من اللغو ليس فـيها حظ إلا ما يدعـيه من راحة النفس، و هذا هو معـنى قول عيسى عليه السلام :”لا تكثروا الكلام بغـير ذكـر الله فتقسو قـلوبكم “.

   و لذلك قـال مالك رضي الله عـنه في حـديث النبي صلى الله عليه و سلم :”إن من البيان لسحرا “أنه مكروه ، لأنه يخدع الناس خدعـة الساحـر ، هذا هو رأيه فـيه ,و عـليه تـدل ترجمة البـاب الـذي أدخـله عـليه”3/1167 . 

   ثم يأتي بعـد هـذا بكلام من هـذا القبيل بأماكـن متفرقة ، فكانت هذه المساهمة من القاضي أبي بكر بن العـربي بمثابة وضع حجـر التأسيس – كما قـلت سابقا – لعـلم السلوك و التصوف ،و مقـدمات ممهـدات نحـو دراسات مفصلة في هـذا البـاب ، و هو الـذي سيتأكـد بـعـد  .

   فالقاضي ا بن العـربي ، خارج هذا الشرح، سيذهـب  إلى إفراد هذا الموضوع بالتأليف في كـتب خـاصة، و سيجمع ما تشتت من هـذا العـلم في كـتب متفـرقـة مـن مؤلفـات ، و مما وصلـنا من هـذه المؤلـفات في هـذا الـباب كتابان :

الأول سماه : سراج المهـتدين و هـو مطـبوع ، منه نسخة مخطـوطة تامة بخزانة دار الكـتب الناصرية بتمكروت بزاكـورة.

و الكـتاب الثـاني سماه : سراج المريدين، و هو موثق النسبة إليه ،و يحيل فيه على مجموعة من كـتـبه  . 

  و في هـذا الكـتاب الأخـير ستظهر صوفية القـاضي أبي بكر بن العـربي  واضحة ، و منهجه السلوكي السني ، مع ذكـر لمجموعة من مشايخه الصوفية ممن تأثـر بهم من عـلماء المغـرب الكبير أثناء توقـفـاته في طريقه نحو المشرق،  أو حين استـقـراره في رحلته المشرقية ، كما سيشـير إلى شيخـه الإمام الغـزالي و أخـذه عـنه في رحلته المشرقيـة   . 

      و من الفـقـهاء المالكية ممن سيخـصص بآخـر ديـوانه الفـقهي كتابا بهذا الاسم “الجامع” الإمام شهاب الدين القـرافي ، ثم يوضح أهـمية هذا الكتاب ، و لماذا يخـتـص بمذهـب مالك –رضي الله عنه-

 قـال في مقـدمته : “هـذا الكتاب يختـص بمذهـب مالك لا يوجد في تصانيف غـيره من المذاهـب ، و هـو من محاسن التصنيف ، لأنه تقع فيه مسائل لا يناسب وضعها في ربع من أٍرباع الفـقه ، أعـني العـبادات ، و المعاملات ، و الأقـضية و الجـنايات ,فجمعها المالكية في أواخر تصانيفها و سموها بالجامع، أي جامع الأشتات من المسائل التي لا تناسب غـيره من الكـتـب ، و هـي ثـلاثـة أجـناس: 

ما يتعـلق بالعـقـيدة ، و ما يتعـلـق بالأقـوال ، و ما يتعـلـق بالأفـعال ، و هي الأفعال و المتروك بجميع الجـوارح:” الفروق 13/244

     ثم يتحدث في الجنس الثالث : عن الأفعال ، يقول : “و هي أنواع : أفعال القـلوب ، و هي مأمورات و منهـيات ، فمن المأمورات :الإخلاص ، و اليقين , التـقوى ، و الصبر ، و الرضا، و القـناعـة ، و الــــزهــد ، و الــورع ، و التوكل ، و سلامة الصدر ، و حسن الظـن ، و سخاوة النفس ، و رؤية المنة ، و حسن الخلـق ، و نحـوهـا من أعـمال الـقـلوب ………” 13/244 

و لا أحـد يخـالـف في أن هـذه كـلها عـبارة عـن مدارج للسالكين ، كما نص على ذلك أهـل التصوف ،و ألـفـوا فـيها  و منهم : الإمام ابن قيم الجوزية في كتابه : مدارج السالكين . 

       و الإمام شهاب الدين القـرافي بعد حديثه عن الجنس الثالث ، و سرده لمقـتـضياته ، يتناولها بالشرح و التحـليل.

 فمما قـاله في الـزهـد :” ليس الـزهـد عـدم ذات الـيد ، بـل عدم احـتفال القـلب بالدنيا و إن كانت في ملكه ، فقد يكون الزاهـد مـن أغـنى الناس و هو زاهد ، و قد يكون الشديد الفـقـر غـير زاهد بل في غـاية الحرص ،  بحسب ما اشتمل عليه قـلبه من الرغـبة في الدنيا ، و الـزهـد في المحرمات واجـب ، و في الواجـبات حرام، و في المندوبات مكروه ، و في المباحات مندوب و إن كانت مباحة ، لأن الميل إليها ، يفـضي لارتكاب المحظور أو المكروه ، فتركها من بـاب الوسائل المندوبة …..” 13/146 و هكذا 

 و هـو –رحمه الله- بهـذا المنحى،  يرسم للسالك الخـصال الحميدة السنية التي ينبغي أن يتحلي بها الفـقـير الصوفي ، بعـد تـأديـة للـواجبـات و الأحـكام .

و منها ما جاء في كتاب الجامع لابن أبي زيد القيرواني :

     و يكفي لمعـرفة محتواه قـراءة عـنوانه ، جاء فيه : كتاب الجامع في السنن و الآداب و الحكم ….و غير ذلك مختصر من السماعات عن مالك و من الموطأ و غـيره من الكتـب مضاف إلى مخـتصر المدونة.

و من الكتب الجوامع التي وصلتنا تحمل بذور التربية الروحية ،كتاب التلقين للقاضي عـبد الوهـاب البغـدادي ، قـال في آخـره بأول كتاب الجامع:

:”كتاب الجامع :و من أفضل العـبادة الدعـاء و الذكـر و الاستغـفار بعد أداء ما يجـب عـليه من النظر ،و الاعـتبار المؤديين إلى عـلم ما كلفه و أمر بالنظر فيه ، و افتـرض عليه و ندب إليه من فروض الشريعة و سننها و مندوباتها ، و طـلب ما زاد على ذلك من عـلوم الشريعة من فـروض الكـفـايات ، و في تعـلمه فضيلة عـظـيمة و ثـواب كبـيـر ….”صفحة :187  

     و معـلوم أن الذكـر كما ذكـرنا سابـقا، هـو: مخ العـبادة عـند أهل الطرق الصوفية ، و مائدة جـلساتهم ، فما من طـريق إلا ولها أورادها و أدعـيتها الخاصة. 

      و إلى جانب الذكـر ، ينبه القـاضي البغدادي على الدعاء و الاستغـفار، و هو الـذي سيفـتـتح به كـتابه الجـامع ، حـيث يـقول :”و من أفـضل العـبادة الدعـاء و الذكـر و الاستغـفار ، بعد أداء المرء ما يجب عليه من النظر و الاعـتبار المؤديين إلى عـلم ما كلـفه وأمر بالنظـر فيه ، و افترض عليه و نذب إليه من فروض الشريعة  و سننها و مندوباتها …..”صفحة 187

و يخـتم بالدعـوة و التنبيه على تعـلمه ، لما له من فضيلة و ثـواب كثـيـر  .

       كما يشير منبها ،على أن هذا الباب ، هو مرتبة  أخـيرة  تأتي بعد أداء الواجـبات و فـروض الشريعة.

     وهـو نفسه الـذي  سنجـد في جامع كتابه: “المعـونة في مذهـب عالم المدينة” .حـيث سيفصل الكـلام في هـذا البـاب .

 و في كـتاب الجامع  من الديـوان الفـقهي : التلخيص المفـيد على رسالة ابن أبي زيد القيرواني للشيخ محمد الأمين بن عبد الوهاب ، سيخصص بابا للذكـر يقول:”…..هـذا معـنى الذكـر بالقـلب ، و لذلك كـان الذكـر القـلبي أفضل من اللساني ، و قـد قـالت عائشة رضي الله عـنها :

” لأن أذكـر الله في نفسي ، أحب إلي من أن أذكره بلساني سبعـين مرة” و قـيل معـنى ذكـره تعـالى عـند أمره و نهـيه و الوقـوف عـند الحـدود ، إن رأى واجـبا ذكر الله بقـلبه ، ففعـله ، و إن رأى محظـورا ، ذكـر الله بقـلبه فاجـتـنـبه……….إلى أن يقول مستشهدا بقول القـاضي عـياض  ، قال :” قال القاضي عياض : ذكر الله ضربان : ذكـر بالقـلب فـقـط ، و ذكـر باللسان .

فـذكـر القـلب نـوعـان : أحـدهما ، و هـو أرفع الأذكار و أجـلها : التفكر في عـظمة الله و جـلاله ، و آيـاته ، و مصنوعـاته العـلوية و السفـلية .

و الثـاني : ذكـره تعـالى بمعـنى استحضاره بالقـلب عـند أمره و نهـيه ، فيمثل ما أمر به ، و ينتهي عما نهي عنه ، و يقـف عما أشكل عليه ، و الأول من هذين أفضل من الثاني ، و الثاني أفضل من الذكر باللسان أي مع القـلب ، و أما الذكـر بمجرد اللسان فهو أضعـف الأذكار و إن كان فـيه ثواب كما جاءت به الأخبار “و يسترسل في نقـل النصوص عـن القـاضي عـياض و العـز بن عبد السلام و هـكــذا

و كما نبهنا في البداية ، أن هـذه الكـتب الجوامع ، التي يمكن اعـتبارها بمثابة بـذور التأسيس لعـلم السلـوك  و التصـوف عـند المالكية ، تأتي بعد مقـدمة عن أصول الديـن ، وفي المرتبة الثالثة ، أي بعـد قسمي العـبادات و المعاملات  ، و الهدف منها : تـزكية النفـس ، و تطهير القـلب،  للتحلي بالأخـلاق الطـيـبة ، و هـو  مقـصد أهـل التصوف . 

     و على العـموم  فالتأسيس لعـلم السلوك عـند عـلماء المالكية ، له شواهـد  بأمهات كـتب الفـقه المالكي ، من خلال كـتب الجـوامع ، و سيتطـور هـذا العـلم  فيما بعـد ، و تفـرد له مؤلـفـات خـاصة، و هي كثـيرة و متعـددة و متـنوعـة، يشهـد لذلك فهارس المكتبات التي تحوي آلاف العـناوين و المشاركات لمجمـوعة من السـادة  العـلماء المغـاربة . 

        و هـذا فيه إشارة واضـحـة  إلى أن الفقـيه أو المتفـقه المالكي ،لابد أن يكون له.

أولا : الإلمام بهـذا الموضوع و العـناية به .

 ثانيا : أن يكـون ممارسا لهـذه التجـربة الروحـية ، لإكمال بناء شخصيته المتوازنة 

و لتحقـيـق ثـلاثـية متكاملة من : عـقـيدة ، و فـقه للعـبادات و المعاملات ،و فـقه الأخلاق و السلوك .

و هـذه هـي العـناصر الثـلاثة الأساسيـة  التي بني عليها التأليف الفـقهي في المذهب المالكي عـند عـلماء المغـرب و غـيرهـم .

        فيكون إلى جانب إلمامه بفـقه العـقـيدة ، و فـقه العـبادات و المعاملات، يتحلى بالسلوك و الأخـلاق  ، مع تصفـية النفـس ،و هـذا تؤطره بعـض مواد كتاب الجـامع . وفي هـذا وقـاية و حصانة له ، للحـفـاظ على أمنه الفكري ثم القـلـبي  .

وكما قلنـا :  بالرجـوع إلى تراثنا الفقهي المالكي بالغـرب الإسلامي ، سنجد بأن أغـلب كتب السادة الفـقهاء و المتفقهة المالكية ، سيستحضرون هـذا الجانب أمامهم عـند التأليف.

و إن بعـضهم ذهـب إلى التفصيل في أعـمال القـلوب و السلوك ، عـند شرحه لبعـض كـتـب الجـوامع . 

       بل إن بعـضهم ، ذهـب إلى تسمية أول مبحث كـتاب الجـامع ب: “باب في التصوف”  كما فعـل صاحـب كتـاب :  فـتح الوهاب في بيان ألفاظ هـداية الطلاب للشيخ سيدي المختار الكنتي ت1226 للهجرة، و هو في هذا المبحث ينقل كثيرا عن قوت القـلوب لأبي طالب مكي محمد بن علي بن عطية ، كما ينقل كثيرا من الإحـياء للإمام الغـزالي و غيرهـم من أئمة التصوف.

      ويتحدث في كتاب الجامع عن طوائف رجالات التصوف و أقسامها ، و هي ثلاثة –كما يقول-  ، و يقـف عـند الطائـفة الثـالثة : و هـي خـاصة الخاصة ، فيقول : هـؤلاء عـبدوا الله تعـالى بالمحبة فـفـنوا فـيها عـن حظـوظ أنفسهم ، فهم في بحـور المحبة تائهـون ، و في أنـوار المشاهـدة و المكاشفة غـرقـون ، قـد غابـوا عـن الكـونين ، في مشاهـدة المكون، فهو غـاية مطلبهم و منتهى مرغـبهم ، لا يبغـوه بذلك بـدلا و لا يـطـلـبون عـنه حـولا .”2/611.  

                و على أي ،  فالنماذج و الأمثـلة كـثـيـرة في هـذا الباب ، و كما يقال في المثل –يكفي من القـلادة ما أحـاط بالعـنق- 

و يمكن القـول ، أن هـذا في الأخـير ، أصبح من الخصوصيات وثـالث  التـوابـث التي ينفرد بها فـقهاء المغـرب ، و أنه مما يجـب الحـفاظ عليه ، و تلقـينه و ممارسته ،و أنه من نافـلة فـقه العـبادات و المعاملات ، التي لابد منها ، و قـد أصـبح في الأخـير من المكـونات الأساسية للشخـصية المغـربية الوسطـية المعـتدلة. 

                                             و الحمد لله الذي بفضله و نعمته تتم الصالحات.

الدكتور حميد لحمر أستاذ التعليم العالي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس .الآداب ظهر المهراس من 1990الى 1992 ومن 1992 إلى الآن بكلية الآداب سايس . 

-الكفاءة في القانون ظهر المهراس 1984

_دبلوم الدراسات العليا شعبة الفقه والقانون بدار الحديث 1987

_دكتوراه السلك الثالث تخصص تفسير 1990 جامعة المولى إسماعيل 

_دكتوراه الدولة تخصص فقه مالكي 2000 جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس

_دكتوراه الدولة فخرية من جامعة بيروت لبنان  تخصص تاريخ الإسلام 2007م .

_رئيس وحدة دكتوراه التراث الفقهي المالكي بالغرب الإسلامي..منذ 1994م

_عضو بنية  الفكر الإسلامي وفن الخطاب وقضايا المجتمع كلية الآداب الرباط جامعة محمد الخامس .

_عضو لجان تحكيم ملفات  ترقيات هيئة التدريس  بجامعة الملك عبد العزيز .

_عضو معتمد في فحص ومناقشة اطاريح الدكتوراه بكلية الشريعة جامعة الكويت .

_ أشرف على أكثر من 40 أطروحة دكتوراه 

 _ خبير منظمة الايسيسكو .

_ خبير بيت الزكاة الكويتي .

_ خبير مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة. منسق لجنة التراث .

_مدير ورئيس تحرير مجلة رواق المذهب المالكي .

_ له من المؤلفات: أزيد من 20عنوانا منها:

_ كتاب تفسير الإمام مالك جمع وتحقيق ودراسة 1989م.

_كتاب عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة لابن شاس تحقيق ودراسة 2002م._

_ فتاوى ابن ابي زيد القيرواني  تحقيق ودراسة 2004.

_كتاب الحج لأشهب بن عبد العزيز 2016م. 

شارك ونظم  العديد من المؤتمرات الوطنية والدولية . وعضو جمعيات كثيرة .منها : فاس سايس ، ومؤسسة لسان الدين بن الخطيب،  وغيرهما .


playstore

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WeCreativez WhatsApp Support
فريق صفروبريس في الاستماع
مرحبا