أقلام حرة

التربية والتعليم أية علاقة؟

المصطفى بن جبور
تقديم
كتاب هذا الموضوع كثيرون، ولكن الذين يجيدون التدقيق وضبط التعاريف، وإمداد المتلقي(1) بالمصطلحات اللازمة أو بالأحرى الذين يحرصون على أن تكون مادة التعاريف واضحة وميسرة لتتوافق مع أفق المهتم بموضوع التربية والتعليم هم قليلون….. من هذا المنطلق ورغبة مني في المساهمة في هذا الموضوع سألح على الدقة والإيجاز في تعريف مصطلحي التربية والتعليم وما يتصل بهما من مرادفات وقبل أن أسترسل في بسط الموضوع أرى من الناسب إبداء الملحوظتين التاليتين:
أ)- طموح المقال لا يدعي الكمال وإنما هو محاولة متواضعة….
ب)- الهدف العام هو فتح حوار بناء في مسألة جوهرية كهذه وليست القضية التي نطرحها بسيطة بساطة العنوان كما يبدو وللوهلة الأولى فلظاهر العنوان باطن يمده بنسخ الحياة.
1-تعريف التربية:
ربا الشيء ربوا وربوا: نما وزاد(2) فهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا وهي للأشياء الحية بمعنى التنمية وللإنسان بمعنى التنمية والتهذيب والتنشئة قال ابن منظور  “ربيته تربية، وتربيته: عذوته. هذا لكل ما يتنمى: كالولد والزرع ونحوه”(3).
وفي محكم التنزيل”ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك من عمرك سنين”(4).
وقال أيضا (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)(5)

1خصوصا طلبة المراكز التربوية الجهوية
3672 ص  1المعجم الوسيط ج:-
3لسان العرب فصل الراء حرف الواو والياء. –
4.18سورة الشعراء الآية –
245 سورة الاسراء الآية –

2 / 6
من خلال ما سيق نستخلص أن لفظة التربية تدل على فعل الاعتناء والتوجيه والإرشاد وبمعنى أكثر تحديدا هي سلسلة من العمليات يدرب من خلالها الراشدون الصغار من نفس نوعهم.(6)
ويرى أحد الباحثين(7) وبناء على هذا الأساس أن التربية هي: احترازا من التوجيه السيئ، وقولنا(في زمن الصغر) احترازا من زمن الكبر، فإن التوجيه ينقلب تعليما.
2- تعريف التعليم:
التعليم هو تبليغ مجموعة منظمة من الأهداف والمعارف والمهارات والوسائل، واتخاذ قرارات تسهل تعلم فرد داخل وضعية بيداغوجية معينة.
وفي لسان الوب (علمه الشيء ألهمه إياه) ويضيف ابن منظور وفي حديث ابن مسعود (إنك غليم معلم) أي ملهم للصواب(8).
إذا نخرج بالحصيلة التالية:
علم الشيء: تيقنه وأدركه.
علمه العلم أو غيره: جعله يتعلمه.
علمه العلم وأعلمه إياه فتعلمه وفرق بينهما  لسبويه فقال: ” علمت كأدبت وأعلمت كآذنت، علمته تعليما، والمعلم: المؤدب(9).
3- علاقة التربية بالتعليم
من خلال المادة العلمية السابقة يظهر أن التعليم ليس هو التربية بل هو جزء منها، لأن التربية هي مساعدة الطفل على إنماء جميع ملكاته وقواه…. وإظهارها بغية إعداده للحياة ليصبح مواطنا عاملا محبا للإنسانية متعاونا مع أبناء وطنه وهي تشمل النواحي الجسمية
6.89معجم علوم التربية/مصطلحات البيداغوجيا. ص:- –
إننا بحاجة إلى مربين أكثر من حاجتنا إلى معلمين ملقنين بخشو الأدمغة بالمعلومات. خصوصا وأننا نلاحظ تراجع مستوى التربية والفكر التربوي. 7.109علينا إعداد المربي الصالح… الثقافة ومآسي رجال. محمد بن ع الكريم الجزائري. ص:
8لسان الوب فصل العين حرف الميم. –
429 معجم ألفاظ العلم والموفة في اللغة العربية . ص:  –

3 / 6
والعقلية والوطنية والخلقية والاجتماعية والجمالية. بينما التعليم الذي يؤلف جزءا من عمل التربية العقلية فهو يرمي فقط إلى كسب المعرفة والمهارة والدراية بعلم من العلوم. أو بفن من الفنون. أو حرفة من الحرف أو لغة من اللغات.
لذلك أصبحنا بحاجة إلى المربي الكامل الذي يستطيع القيام بعملي التربية والتعليم معا لا إلى معلم أو أستاذ يلقي الدروس فحسب(10).
أ-الفرق بين التربية والتعليم:
ولمزيد من الإلمام بالموضوع نسوق رأيا لأحد الباحثين في باب الفرق بين التربية والتعليم حيث أجمل الفروق التي بينهما في ثمانية أوجه، يقول: في إمكاننا أن نجمل الفروق التي بينهما في ثمانية أوجه:
الوجه الأول:   – أن التربية صفة ذاتية في الإنسان وإكمال ماهو موجود فيه بالطبع والوراثة.
الوجه الثاني:    -التربية تتعلق بالصفات المعنوية.
                      -التعليم يتعلق بالصفات الحسية.
الوجه الثالث:   -التربية لزمن الطفولة إلى زمن الرشد.
                      -التعليم من المهد إلى اللحد….
الوجه الرابع:    -أن التربية تكون عن طريق التطبيق والتوجيه.
                      -التعليم يكون تطبيقا ونظريا.
الوجه الخامس:  -أن التربية مشتركة بين الحيوانات والإنسان.
                        -وأن التعليم خاص بالإنسان.
الوجه السادس:  -التربية تؤخذ مسلمة.
10.28رائد التربية العامة وأصول التدريس ص  –

4 / 6
               -التعليم مبني على التعليل.
الوجه السابع:    – أثر التربية يثبت ويلازم المتربي مدى الحياة.
                       – أثر التعليم قد يذهب ويختفي في طي النسيان….
الوجه الثامن:   – الهدف من التربية إيصال الإنسان إلى إكمال من حيث تهذيب أخلاقه   وتقويم سلوكه…..
                   -الهدف من التعليم اطلاع المتعلم على أشياء لم تكن معلومة لديه وتلقينا اياه عن طريق الالقاء بالسماع أو العمل بالجوارح(11)
وصولا إلى هذا المستوى نطرح السؤال التالي: ما علاقة البيداغوجيا بالتربية والتعليم؟
4-علاقة التربية بالبيداغوجيا والديداكتيك
اذا كان مفهوم التربية EDUCATION هو العمل الذي يمارسه كائن راشد على كائن آخر صغير، والذي يتجه نحو غاية قوامو  تكوين استعدادات متنوعة تقابل الغايات التي يعد لها حين يبلغ طور النضج. فإن البيداغوجياpedagogie لفظ عام ينطبق عل كل ماله ارتباط بالعلاقة القائمة بين مدرس وتلميذ بغرض تعلم أو تربية الطفل أو الراشد… داخل الفصل. فهنري ماريونHENRI MARION في معجمه التربوي يرى أن البيداغوجيا شيء مختلف عن التربية وأنها تتصل بالجسد والعقل كما تتصل بالخلق فهي عنده ( علم التربية جسدية كانت أو عقلية أو خلقية)(12) ويبين درركهايم أن البيداغوجيا نظرية عملية وموضوعها التفكير في نظم التربية وطرائقها وبالتالي لإفادة عمل المربين وتوجيهه.
إذا هناك تداخل بين البداغوجيا والتربية، خصوصا وأن كليهما يستفيد من حقول أخرى مثل علم النفس والتاريخ وعلم الاجتماع. كما أن الحدود التي تفصل البيداغوجيا عن مفاهيم أخرى مجاورة قيل التربية والتعليم غير واضحة نظرا لتعدد دلالاتها الاصطلاحية.
11.112-111الثقافة ومآسي رجالهاص.  –
من خلال قراءلتي في الموضوع لاحظت أن الكتاب والباحثين يربكون قريحة القراء يضروب من الخلط فهم تارة يستعملون مصطلح التربية وتارة أخرى يتحدثون عن البيداغوجيا وهم يقصدون التربية والتعليم ويدخل عل الخط لذلك توظيف مصطلح ديداكتيك. ما هي حدود هذه المصطلحات. 12.29-28التربية العامة ص

5 / 6
-إن التميز بين التربية والبيداغوجيا استند لدى معظم الباحثين على التمييز بين طبيعة أبحاث كل منهما ونوعية مقاربتها للنشاطات البيداغوجية فالبيداغوجيا بحث نظري أم التربية فممارسة وتطبيق(13).
أما الديداكتيك فيترجم ب التعليمية هو المقابل لمصطلح la didactique وهو  كما أشارت إلى ذلك مختلف الأبحاث الغربية من ( المصطلحات المثيره للبس إذ له اتصال وإن كان مخصوصا ب “البيداغوجيا” و”علم النفس” و”علم النفس التربوي” و”علم الاجتماع” و”اللسانيات”).
إن “التعليمية” ذات توجه تطبيقي منهجي تعنى بتقنيات تبليغ المعرفة وكيفيات اكتساب وهو أمر يدعو إليه العصر. فالتعليمية ضرورية لاستحداث النماذج والتقنيات اللازمة لتوليد التطبيقي من النظري وتأهيل العلوم وأصحابه فهي بهذا محل تقييم جدوى النظريات(14)
5- خاتمة وآفاق:
حاولت أن أثير بعض القضايا بناء على بعض المعطيات التعريفية. ولكن الموضوع واسع جدا، ولابد من إثرائه بأفكار جديدة وأبحاث مناسبة فالمجال مفتوح أمام السادة الباحثين وذوي التجارب المحترمة في حقل التربية والتعليم للتوسع أكثر في الموضوع من خلال أبحاث ستعود أنشاء الله بفائض الخير على منظومتنا التربوية، وأرجو الله المعين أن أكون قد ساهمت في مناقشة هذا الموضوع وإن كنت قد أخطأت فحسبي أجر الاجتهاد.
لائحة المصادر والمراجع:
1-القران الكريم
2-المعجم الوسيط. قام بإخراجه مجموعة من الباحثين دار الدعوة بدون تاريخ.
3-لسان العرب لابن منظور.
25513 معجم علوم التربية ص –
14.1997مارس  32المجلة العربية للثقافة ص  46مقال في تعليمية النقد ص –

6 / 6
4- رائد التربية العامة وأصول التجريس. عبد الحميد فايد. دار الكتاب اللبناني بيروت 1981.
5- معجد علوم التربية. تأليف مجموعة من الباحثين سلسلة 9-10 ط 1. الجديدة 1994.
6- الثقافة ومآىسي رجالها. د. محمد بن عبد الكريم الجزائري ط 2.1993 الجزائر.
7- معجم ألفاظ العلم والمعرفة في اللغة العربية. عادل عبد الجبار زاير ط 1. مكتبة لبنان ناشرون 1997. لبنان.
8- التربية العامة. تأليف. رونيه أوبير. ترجمة ع الله عبد الدائم. دار العلم للملاين ببيروت ط 7.1991 ببروت لبنان.
9- مقال في” تعليمية النقد” د. توفيق الزيدي. المجلة العربية الثقافة مجلة نصف سنوية (مارس شتنبر) . السنة 16- العدد:32-1997 تصدر عن إدارة الثقافة بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلم. بتونس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WeCreativez WhatsApp Support
فريق صفروبريس في الاستماع
مرحبا