صفرو

إقليم صفرو : منابع بن يازغة بين النسيان والاستيطان!

لاأحد ينكر ما تزخر به مدينة المنزل وضواحيها من مؤهلات طبيعية خصبة، وثروات مائية هائلة.. فمن منابع “سبو” إلى منابع “تندرين” و “وامندر” و”عين كبير” إلى منابع “تيمكناي” و”شلالات امغيلة”: يمتزج التاريخ العريق، بالجغرافيا الساحرة للمكان.. وعلى وقع صدى انهمار زراب سليمان.. وخرير انسياب واد زلول، بين الصخور وشجيرات الدفلة والصفصاف.. تستكين الروح تحت أديم سماء صافية، وسط سكينة عميقة، وخلوة محببة. وعلى أنغام القبّرات فوق هضاب “إكلي” البديعة، القابعة بهدوء تحت شموخ جبل “بويبلان” بزيه الوقور.. وعلى نغمات الناي الحزين الممزوجة بثغاء قطيع الحِمْلان المنتشرة بلا انتظام، تحت لهِيب مُنحدر “كركورة” المطل على واد “سبو”.. تَهيم الروح وسط عبَق الطبيعة الخلاّب، في منظر بهيّ آسر، يندُرُ أن يجودَ الزمان بمثل رونقه وبهائه…

  غير أن المؤهلات المهمّة التي تزخر بها المنطقة، والمناظر الأخاذة التي تتميز بها، والفرشة المائية الهائلة التي تتوفر عليها.. لم تكن لتستغل يوما من طرف المسؤولين؛ بل تركت على مر السنوات للتهميش والإهمال والإقصاء! فلا المجلس البلدي للمنزل، ولا المجلس القروي لأولاد مكودو، ولا عمالة صفرو، فكروا يوما في تأهيل المنطقة، والرقي بإمكانياتها، والتعريف بمؤهلاتها، واستثمار مقوماتها العديدة، وجلب المستثمرين والسياح إليها! بل على العكس من ذلك تم تكريس التهميش والإقصاء للمنطقة من قبل المسؤولين؛ فتحولت المحاور الطرقية المؤدية إلى هذه المناظر البديعة الأسوء في الإقليم، ضيقة، مهترئة، تعج بالحفر والأخاديد، وتزخر بالمنعرجات والمنحدرات الخطيرة!

   والأدهى من ذلك، أن التهميش لم يقتصر على إهمال تأهيل هذه المناطق فحسب، بل تجاوزه إلى غض الطرف عن سياسة الاستيطان والإساءة لبعض هذه المنابع.. فقد عَمَدَ أحد المستثمرين إلى الاستيلاء على الجزء الأكبر من عين “تندرين” في وقت سابق، وعمل على تسييجه واستغلاله ومنعه من العموم! وسط صمت غريب ومريب من قائد بن يزغة الذي آثر غض الطرف عن الموضوع؛ متخاذلا في تحرير هذا الملك العمومي من مغتصبه! نفس التخاذل عرفه منبع “تيمكناي” الذي شهد هجوما غريبا من طرف مستثمرين فلاحيين، عمَدوا إلى ردم الجزء الأعظم من النبع بالتراب والأحجار دون رقيب أو حسيب! كما لم يتدخل أحد لإنقاذ الفرشة المائية ” لعين كبير” من مخلفات مطرح الأزبال لبلدية المنزل الذي اتخذ قريبا من منبعها! 

   سياسة الاستيطان لم تتوقف عند هذا الحد، بل إن الكثيرين من أبناء المنطقة يعتبرون المكتب الوطني للماء الصالح للشرب بالمدينة: أكبر مستغل! عمل على استغلال الثروات المائية الخصبة بالمنطقة وبيعها للمواطنين بأقصى التكاليف وأغلى الأثمان! فبالإضافة إلى تكاليف الربط الخيالية (تفوق في أحيان كثيرة مليون سنتيم) فالمواطن يتكبد ثقل مصاريف فاتورة شهرية (تتجاوز 300 درهم شهريا في أحسن الأحوال) في الوقت الذي كانت فيه هذه الفاتورة خلال فترة سابقة قبل دخول مكتب الماء، لا تتجاوز 30 درهما كل ثلاثة أشهر!

   فمتى ينتهي التهميش والإقصاء، وترفع سياسة الاستيطان والاستغلال، ليتمتع الساكنة بجمال منابع بن يزغة ويستفيدوا من خيراتها الطبيعية؟!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WeCreativez WhatsApp Support
فريق صفروبريس في الاستماع
مرحبا