أسر المرضى النفسيين بين صرخة الألم وصمت الإهمال

تعيش العديد من الأسر المغربية معاناة يومية ثقيلة بسبب غياب حلول حقيقية لملف المرضى النفسيين والمختلين عقليا. القضية عادت إلى الواجهة مؤخرا بعد ظهور أم مكلومة ناشدت بوجه مكشوف العثور على ابنها الذي جرى ترحيله بشكل غامض من إحدى المدن الساحلية نحو بني ملال، في مشهد يلخص حجم المأساة التي تعيشها عائلات كثيرة.
الترحيل العشوائي الذي يطال هؤلاء المرضى والمشردين يكشف خللا عميقا في السياسات العمومية، إذ تتحول معاناة إنسانية إلى كابوس يومي تتقاسمه الأسر مع محيط اجتماعي مرتبك. فالغياب الواضح لمراكز استشفائية متخصصة ولآليات متابعة حقيقية يضاعف من مآسي الأسر التي تجد نفسها وحيدة في مواجهة مصير غامض لفلذات أكبادها.
حوادث مأساوية عرفتها مدن عدة، آخرها مقتل شرطي بإيموزار كندر على يد مختل عقلي، أبرزت أن الإهمال لا يهدد فقط حياة المرضى بل يضع سلامة المجتمع برمته في دائرة الخطر. ورغم تكرار الدعوات إلى وضع إستراتيجية وطنية شاملة، إلا أن الإجراءات تبقى مشتتة ومرتبطة بردود فعل ظرفية بدل حلول مؤسساتية مستدامة.
الأسر اليوم لا تطالب بالمستحيل، بل بالاعتراف بمعاناتها وتوفير بنيات صحية متخصصة، ومواكبة نفسية واجتماعية تحفظ كرامة المريض وتحمي المجتمع. فالقضية لم تعد شأنا عائليا خاصا، بل ملفا وطنيا يستوجب إرادة سياسية جادة لتجاوز منطق الترحيل والإسعافات الترقيعية، نحو رؤية تجعل من الرعاية النفسية جزءا أساسيا من منظومة الصحة العمومية.