أجمع وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي على ضرورة “تكثيف الجهود” من أجل إخراج الاتحاد من حالة الجمود التي يعيشها، بعد مرور ربع قرن على إنشاء هذا التكتل الإقليمي، وتعثر انعقاد أي قمة مغاربية منذ سنة 1994.
ودعا وزراء خارجية دول الاتحاد الخمس (المغرب، موريتانيا، ليبيا، الجزائر، تونس) خلال افتتاح الدورة 32 لمجلس وزراء خارجية اتحاد المغرب العربي، اليوم الجمعة، بالعاصمة المغربية الرباط، للتنسيق الأمني المشترك بين بلدان الاتحاد لمواجهة التحديات التي تفرضها التحولات الجارية في منطقة الساحل والصحراء، في الوقت الذي عبروا فيه عن دعم بلدان الاتحاد لجهود السلطات الليبية لإرساء الاستقرار على أراضيها.
ورحب الوزراء المغاربيون في كلمات لهم خلال انعقاد المجلس، باقتراح تقدمت به تونس لاحتضان القمة السابعة للاتحاد على أراضيها شهر أكتوبر المقبل.
ودعا وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار في كلمة له خلال الاجتماع، دول الاتحاد إلى “تجاوز الخلافات وافتعال الصراعات الهامشية”، التي تعرقل جهود بناء الاتحاد المغاربي و”تسمم الأجواء” بين أعضائه.
وشدد مزوار على أهمية التعاون والتنسيق الأمني بين دول الاتحاد، خاصة في سياق ما يشهده الجوار الإفريقي بمنطقة الساحل والصحراء من مخاطر ترتبط بالإرهاب، والاتجار بالبشر وتهريب الأسلحة والمخدرات، والهجرة غير الشرعية.
من جانبه أعلن وزير الخارجية التونسي المنجي الحامدي، استعداد بلاده لاحتضان القمة المغاربية السابعة المرتقب انعقادها في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، فيما شدد على أهمية تطوير هياكل الاتحاد المغاربي من أجل كسب الرهانات التنموية والتحديات والتحولات العميقة التي تواجه بلدان المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية.
وعبر وزير الخارجية التونسي عن قلق بلاده إزاء الأوضاع التي تشهدها ليبيا مؤخرا، مؤكدا عزم تونس “دعم وحدة الصف الليبي” و”مساندة كل الجهود لإنجاح الحوار الوطني ” بين الفرقاء في ليبيا.
من جانبه اعتبر وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز أن هذا الاجتماع يشكل “نقلة نوعية في الوفاق السياسي” بين بلدان المغرب العربي، خاصة بعد توافق الدول الأعضاء على عقد القمة المغاربية السابعة بتونس.
وشدد الوزير الليبي على أن هذه الخطوة تعبر عن منهج جديد ورغبة صادقة في تفعيل هياكل الاتحاد، خاصة أن عدد من بلدان المنطقة تمر في من مرحلة حرجة، وتسعى للإنتقال من بلدان الثورة إلى دول مؤسسات.
بدوره عبرعبد الحميد السنوسي، الأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية، عن تضامن بلاده مع ليبيا، واستعدادها “لتقديم الدعم والمساندة” للحكومة الليبية، من أجل بناء دولة القانون والمؤسسات.
وفي ذات السياق أوضح السنوسي، أن الجزائر جاهزة لوضع استراتيجية أمنية شاملة بشراكة مع باقي بلدان الاتحاد لمواجهة الإرهاب والهجرة السرية، والاتجار بالمخدرات، مؤكدا على أن دول المنطقة “عازمة على تكفل بأمنها، بسواعد أبنائها”.
واعتبر السنوسي أن عقد القمة المغاربية بتونس في أكتوبرالمقبل، ستشكل “انطلاقة فعلية” لعمل الاتحاد، واستجابة لتطلعات شعوب المنطقة، “على الرغم من اختلاف مقاربات بعض دوله رؤاها” على حد تعبيره.
ويشار إلى أن الجزائر خفّضت مستوى مشاركتها في هذا الاجتماع ، حيث ترأس الوفد الجزائري، الأمين العام لوزارة الخارجية، عبد الحميد سنوسي، بدلاً من وزير الخارجية، رمطان لعمامرة أو نائبه المكلف بالشؤون المغاربية والأفريقية عبد القادر مساهل، بحسب الناطق باسم الخارجية الجزائرية، بن علي شريف.
ولم يوضح الناطق باسم الخارجية الجزائرية سبب تخفيض تمثيل الجزائر في هذا الاجتماع، غير أن الأمر يبدو له علاقة بالتوتر الذي تشهده علاقات بين المغرب والجزائر.
ويعود تاريخ تأسيس اتحاد المغرب العربي إلى 1989 بمدينة مراكش بالمغرب، إلا أن الصراع حول الصحراء وتباين المواقف بين المغرب والجزائر حول هذه القضية أدى إلى تجميد عمل هذا الاتحاد، حيث لم يعقد أية قمة منذ عام 1994.
ووقعت عدة أزمات في العلاقات بين المغرب والجزائر حول إقليم الصحراء، جنوب المغرب، الذي تراه الرباط جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، وتتهم الجزائر بدعم جبهة البوليساريو، التي تنازع المغرب، هذا الإقليم.
ولا تزال الحدود البرية بين البلدين مغلقة منذ سنة 1994 رغم محاولات عدة لإعادة تطبيع العلاقات بين الجارتين.
ويهدف الاتحاد إلى فتح الحدود بين الدول الخمس لمنح حرية التنقل الكاملة للأفراد والسلع، والتنسيق الأمني، ونهج سياسة مشتركة في مختلف الميادين.