نيابة التعليم بصفرو: التحكم في المناصب الشاغرة… تهويل أم تهوين؟ الحلقة الثالثة: تستر…غبن…هدر مدرسي

هل اكتشفتم الحقيقة؟ وهل أصابت فراستكم حينما عبرتم من خلال تعليقاتكم عما يجري في دهاليز مصلحة الموارد البشرية بالنيابة؟…ربما هي الحقيقة التي عبرت عنها إحدى الأستاذات بأن “النيابة تتستر من جهة على مناصب شاغرة لفائدة المحظوظين من علية القوم، ومن جهة أخرى تخلق مناصب وهمية لامتلاك رقبة نساء ورجال التعليم وتعريضهم لكابوس سد الخصاص”… كابوس أصبح يقض مضجع الكثيرين عند بداية كل موسم دراسي، وسيأتي المقام الذي سنتحدث فيه عن حقائق أخرى قد تزكي أو تدحض مقولة “الريادة الوطنية والجهوية والكفاءة العلمية والإدارية” لأحد المعلقين.

1_ حينما يتحول الانتقال من نعمة إلى نقمة: (تتمة)

سألنا أحد النقابيين:”هل يمكن استنتاج هذه الحقيقة من خلال حالتي “محمد” و”يونس” فقط؟ فكانت الإجابة أنه “بالطبع لا، ولكن هناك مؤسسات أخرى تتوفر على حالات مثل حالتي “محمد” و”يونس”، فهناك حالتان بثانوية عين الشكاك وحالة أخرى ب م/م بيرطمطم…”، ففي الوقت الذي كان حلم هؤلاء هو الانتقال وغايتهم الاستقرار النفسي والاجتماعي، كان عنوان المفاجأة “الخصاص الوهمي”،  فأصبح كل واحد منهم _حسب نفس النقابي_ “رحالة” بامتياز تتقاذفه المؤسسات والجماعات في ميدان تتحكم في خيوطه أطراف إدارية، وصلت بهم الأمور خلال السنة الماضية إلى درجة اعتماد التكليف من جماعة عين شكاك إلى جماعة رباط الخير، يضيف نفس المتحدث.

2_ “الشمتة”….التي أصابت البعض:

“أحسست بالغبن (الشمتة) سأترك أمرهم لله” بهذه العبارات افتتح أحد المتضررين من نوع آخر حديثه معنا، عندما اكتشف الحقيقة المرة، ليتساءل عمن يكون وراء معاناة نساء ورجال التعليم بالإقليم؟؟؟

يحكي “ر.د” أنه انتقل في الحركة الوطنية لتدريس مادة التربية الإسلامية بثانوية محمد الفاسي بالمنزل بما مجموعه 75 نقطة، لكنه اكتشف في الأيام الأخيرة أن جماعة صفرو التي وضعها ضمن أولى اختياراته في طلب المشاركة، استفاد من الانتقال إليها في الحركة الجهوية أستاذ آخر لنفس المادة بما مجموعه 53 نقطة.

تحققنا من الأمر، فتصفحنا نتائج الحركة الجهوية لنكتشف أن جماعة صفرو لم يخرج منها أي أستاذ لمادة التربية الإسلامية، ليطرح السؤال: من أين أتى هذا الخصاص؟ وكيف ظهر فجأة أثناء إجراء الحركة الجهوية دون الحركة الوطنية؟…

“ع.ر” أستاذ التربية البدنية بالتعليم الثانوي التأهيلي، انتقل في الحركة الوطنية من مدينة الغبار والحر (بوجدور) إلى مدينة الثلج والقر(رباط الخير)… انتقل وهو يحمل معه زادا لابأس به من النقط (30نقطة)… يحكي لنا أن زمن الرضى والقبول لم يدم طويلا حتى أرهقت نفسه من جديد بالحزن والسخط، وذلك عندما اكتشف -هو كذلك- أن جماعة صفرو( الاختيار الأول في طلب مشاركته) أصبحت بقدرة قادر من حظ أستاذة لنفس المادة في الحركة الجهوية بمجموع نقط لا يتجاوز 24 نقطة غير موسومة بامتياز(طلب عاد).

وتحت وطأة هذه الصدمة يقول “ع.ر”:”لقد تعرضت للحيف ومورس علي الظلم بسبب التلاعب المكشوف في بنية الموارد البشرية بهذه النيابة”، مبررا ذلك أن “هذا المنصب معروف منذ سنوات لأنه مرتبط بالتقاعد”، مضيفا أن “تحجج النيابة بنغمة تحيين البنية التربوية مردود عليه”.

حالة أخرى لأستاذة انتقلت هي كذلك في الحركة الوطنية إلى ثانوية مولاي إدريس الأكبر، تحكي أنها بمجرد أن بلغها خبر الخصاص الذي تمت تغطيته بتكليف لإحدى استاذات التعليم الابتدائي داخل جماعة صفرو بثانوية لالة سلمى _وهي أولى الجماعات التي عبرت عن رغبتها في الانتقال إليها_، قالت:”أن أعيش وهما جميلا خير لي من حقيقة مؤلمة تخنقني”.

لم تذرف عيون “المتحدثة” الدمع، ولكن واقع الحال ليس سوى غشاء رقيق يخفي وراءه أسباب الإحباط الحقيقية، وعلى إثر ذلك تقول:”رغم أن المنصب سيبقى شاغرا إلا أن حظوظ الانتقال أصبحت ضئيلة نظرا لفقداني لنقط الاستقرار وعدم استكمالي للسنوات الرسمية”. 

3_ الإحساس بالغبن ينطفئ أمام شمس العدالة:

سألنا عن أسباب هذه الأحاسيس وعن تأثيرها على نفسية المدرس ومردوديته المهنية، فكانت الإجابة أن “الأستاذ كائن يتكون من بنية نفسية واجتماعية، يتوخى الاستقرار سبيلا للعطاء” وأن “الإحساس بالغبن لا ينمو في بيئة تغمرها شمس العدالة، وتسود موازينها مكاييل القسطاس ويعامل فيها الناس سواسية كأسنان المشط…بل ينمو ويتفاقم في بيئة يقسم فيها الناس درجات، ويصبح مهددا حينما يحس المرؤ أن فرصته انتزعت منه وأعطيت لمن هو دونه”، كل هذا _حسب أحد الأساتذة_ “ينعكس سلبا على الأداء المهني للمتضرر من قريب أو من بعيد، ويؤثر على مردوديته، وبالتالي يكون سببا إضافيا لتدني التحصيل الدراسي لدى التلاميذ، فتكون نتيجة ذلك هو ارتفاع نسبة الهدر المدرسي”.