أقلام حرة

مذكرات مغربي عاد جدا (الحلقة الاولى)

playstore

محمد شخص عاد…. مغربي عاد ..يقاتل الزمن و المكان و الأشخاص كي يعيش..هو لا يملك بيتا خاصا,هو أصلا لا يملك حياة خاصة
منذ أن أتى إلى الحياة و الكل يقرر عنه..محمد سيدرس,محمد سيترك الدراسة ليعيل الأسرة,محمد سيتزوج سمر,محمد بات عليه ان ينجب اطفالا..محمد محمد محمد….
محمد ليس له دخل قار ولا تغطية صحية.يعيش من لا شيء و للاشيء.هو أصلا لا يسأل نفسه لما يعيش؟ ليس لانه يهرب من السؤال بل لان حياته الرتيبة المتعبة الكئيبة البسيطة لدرجة القبح تنسيه من هو و إلى أين هو ذاهب بل تنسيه السؤال نفسه….
كل ما يتوخاه من الحياة كوخ صغير يؤويه و عائلته الكبيرة.أحلامه البسيطة تروقه على ما يبدو و تروق المستفيدين منها كذلك….أحلام ساذجة بل أحلام تقتل الأحلام التي عليها أن تراوده كمواطن….أتراه غير واع بما يجري آم انه يهرب من شيء ما ؟من كيان ما؟
هو يكرر بكل افتخار حياة والده رحمه الله…كان العم عبد القادر رجلا عاديا جدا بدوره, “داخل سوق راسو”,لا يفكر سوى بقوت يومه, لا تهمه السياسات و لا ما يحدث حوله,”طالب غي السترة و صافي”, و كأن سبب مجيئه للدنيا يختزل في الآكل و الشرب و الصلاة و الحرص على إبقاء الأمور المحيطة به على ما هي عليه …. لقد كان يكثر من الدعاء التالي..”الله يخرجنا من دار العيب بلا عيب.”..ما كان يخص بذلك أبدا الجانب الديني فحسب بل للمقولة معاني عميقة تستحق التأمل
محمد هو” أسد” الأسرة,و مع انه لم يختر حياته يوما إلا انه يتحكم بحيوات الإناث المحيطات به..الزوجة, الأخوات,العمة,الأم….و كم يحس باللذة و القوة حينما يمارس حقه في التحكم كونه المعيل….كل مرة يتحدث إلي احدهم يبدأ بسرد قصص بطولاته و كيف انه اجبر أخواته على ترك الدراسة و الزواج…يتفاخر بكونه صانهن من الانحراف و حمى شرف العائلة بان زوجهن قاصرات…يتفاخر كذلك بأنه لم ولن يسمح أبدا لامه الأرملة أن تتزوج مرة أخرى..هي طبعا لا شيء من حقها و أساسا ليس لها أي رغبة بذلك,فالسيد محمد على ما يبدو يعلم ما في قلوب و عقول البشر , ولان أمه أرملة فهي لا تحس و لا ترغب بأي شيء خصوصا الزواج
يتفاخر كذلك بفرضه الحصار على عمته المطلقة.هو يعلم أنها أصبحت فريسة يتهافت عليها الذئاب لمجرد أنها مطلقة.هذا في نظره سبب كاف لكي يمنعها من كل شيء,من الخروج إلى الشارع, من زيارة صديقاتها….ليجعل منها فردا خاملا اجتماعيا و مدمرا نفسيا لأنها تحس بالتهميش لمجرد” أنها مطلقة”…
و أكثر اللحظات تشويقا في قصصه هي تلك التي يتحدث فيها عن مغامراته العاطفية قبل الزواج…يتحدث عن فاطمة التي أغواها و عن حادة التي كان يلتقيها بجانب النهر وعن عيشة التي وعدها بالارتباط الرسمي وعن وعن وعن …يتحدث عن غزله و فطنته وذكائه و “عهر الأخريات”…يتحدث ببساطة عن أمجاده و ضحاياه و يختم بالقول ان فتوحاته النسائية ما تزال مستمرة
هو يصلي و يصوم كغالبية المغاربة, ويكذب ويرشو وبزني و يشرب الخمر و يغتاب ويصلي على النبي صلى الله عليه و سلم كلما استدعى الأمر ذلك, يحلف مرارا بالله تارة و بالمسجد, و بالخبز و الزيت و الملح و الطعام تارة أخرى
في رمضان يحرص على أن تكون الشباكية حاضرة على الطاولة و الحريرة كذلك بعد يوم طويل من الجوع لا الصوم..و يذهب لأداء التراويح بعدها, “منها نيت بنادم يتبرد شوييا”…..
أما العيد فمناسبة لعرض الأزياء و الحلويات التقليدية و مناسبة للتبركيك كذلك الذي خف خلال الشهر الفضيل لان البركاكة كانوا منهوكي القوى و عملهم حقيقة يتطلب الكثير من الجهد و” التحنزيز”, فاعانهم الله على الخير الكثير الذي يجلبونه لهذه الأمة…. 

sefroupress
playstore

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WeCreativez WhatsApp Support
فريق صفروبريس في الاستماع
مرحبا