محكمة فاس : في خطوة قضائية حاسمة، أصدرت المحكمة الابتدائية بمدينة فاس أحكامًا صارمة في قضية “الخليع الفاسد“، التي أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط القانونية والاجتماعية. شملت الأحكام تراوحت بين شهر وسنتين حبسا نافذا، بالإضافة إلى غرامات مالية متنوعة، حيث قُضيت بالسجن النافذ على خمسة أشخاص بجانب فرض غرامات مالية تتراوح بين 24 و50 ألف درهم.
بسنة حبسا نافذا وغرامة 24 ألف درهم لكل منهما. كما أُدينت تسعة أشخاص بشهرين حبسا نافذا، وشخص واحد بشهر واحد حبسا نافذا، بالإضافة إلى شخصين بستة أشهر حبسا نافذا لكل منهما. وفي المقابل، تمت تبرئة شخصين من التهم الموجهة إليهما، بينما حُكم على شخصين آخرين بعقوبات تشمل حبسا نافذا مع غرامة مالية.
تعود جذور القضية إلى حجز السلطات المغربية أكثر من 9 أطنان من مادة “الخليع” غير الصالحة للاستهلاك البشري في مدينة فاس. كشفت التحقيقات أن اللحوم المستخدمة في تصنيع هذه المادة كانت من مصادر مجهولة، وتم إنتاجها في مصنع عشوائي غير مرخص يفتقر إلى معايير السلامة الصحية الأساسية. أظهرت المعاينات أن آلات المصنع كانت متصدئة وغير نظيفة، مما أثار مخاوف جدية حول سلامة المنتجات. بالإضافة إلى ذلك، تبين أن العبوات المنتجة لم تخضع لأي رقابة صحية قبل توزيعها في الأسواق، مما شكل تهديدًا كبيرًا لصحة المستهلكين.
وأوضحت التحقيقات أن مصنع “الخليع” كان يستخدم تقنيات إنتاج غير آمنة، حيث كانت الظروف المعيشية للعمال غير ملائمة، مما أدى إلى تدهور جودة المنتج النهائي. وأظهرت المستندات المستخرجة من المصنع وجود تجاوزات واضحة للمعايير الصحية والبيئية، مما يعكس مدى الإهمال والإضرار بصحة المواطنين.
في سياق آخر، ركزت المحكمة على المسؤولية الفردية لكل متهم في هذه القضية، مؤكدًا أن العقوبات الصارمة جاءت نتيجة للإهمال المتعمد والتجاوزات الجسيمة في الإنتاج والتوزيع. وأكد القاضي المسؤول أن هذه الأحكام تهدف إلى ردع أي محاولات مستقبلية لاستغلال ثغرات النظام وإنتاج مواد غير صالحة للاستهلاك البشري.
وأثارت هذه الأحكام ردود فعل متباينة في المجتمع المغربي، حيث رأى بعض الناشطين أن العقوبات كانت صارمة بما يكفي لتعزيز الثقة في النظام القضائي، بينما اعتبر آخرون أنها لم تصل إلى حد التصدي الفعّال للجرائم الصناعية التي قد تؤدي إلى مخاطر صحية كبيرة على المواطنين.
تظل القضية “الخليع الفاسد” من أبرز القضايا التي تسلط الضوء على أهمية الرقابة الصارمة على الصناعات الغذائية والحفاظ على معايير السلامة والصحة العامة، مؤكدين على ضرورة تعزيز التشريعات والإجراءات الوقائية لمنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل.