
أصدرت محكمة الاستئناف بفاس أحكاما بالسجن النافذ في حق مجموعة من رؤساء الجماعات السابقين وعدد من المنتخبين والموظفين، بعد متابعتهم في ملفات تتعلق بالاختلاس والتبديد والتزوير واستغلال النفوذ، فيما تمت تبرئة آخرين وتأجيل البت في ملفات أخرى.
في ملف جماعة ميدلت، أدين الرئيس السابق للجماعة عن حزب العدالة والتنمية وأربعة متهمين آخرين من بينهم نواب عن أحزاب الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، بسنة حبسا نافذا لكل واحد منهم وغرامة قدرها 20 ألف درهم لفائدة الجماعة، على خلفية تهم تتعلق بالغدر، استغلال النفوذ، التزوير في محررات رسمية وتسليم وثائق إدارية دون موجب حق.
أما في ملف جماعة مولاي يعقوب، فقد أدين الرئيس الحالي للبلدية عن حزب الحركة الشعبية وموظف بالجماعة بستة أشهر حبسا نافذا لكل منهما بعد متابعتهما بتهم الاختلاس والتبديد والتزوير في محررات عرفية، بينما تمت تبرئة نائب الرئيس وموظف آخر في القضية نفسها.
تعود هذه القضايا إلى شكايات مقدمة من أطراف المعارضة، تحدثت عن استغلال غير قانوني لموارد وتجهيزات الجماعات المحلية، بما في ذلك تسخير آليات وشاحنات لفائدة مقاولين وأعمال تصوير، وهدم منشآت دون مبرر، إضافة إلى استفادة غير مستحقة من بطائق الإنعاش.
وفيما يتعلق بالمتابعة البرلمانية، شمل الحكم تبرئة محمد لعيدي، الرئيس السابق لجماعة مولاي يعقوب، من تهم الاختلاس والتبديد والتزوير في ملف جديد، بعد أن سبق أن أدين بسنتين حبسا نافذا أوشك على إنهاء عقوبته، كما تمت تبرئة رئيس سابق لجماعة سيدي داود ونوابه من تهم مشابهة.
المحكمة أجلت البت في ملف رئيس المجلس الإقليمي لمولاي يعقوب المنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار، لتمكينه من إعداد دفاعه.
هذه الأحكام تعكس جهدا واضحا لمحاربة الفساد المالي والإداري في الجماعات المحلية، وتؤكد أن موقع المسؤولية لا يرفع أحدا فوق القانون. ومع ذلك، تكشف الملفات عن استمرار حالات التوظيف غير المشروع للموارد العمومية واستغلال النفوذ، مما يعكس الحاجة إلى تعزيز آليات الرقابة الداخلية والخارجية على عمل المنتخبين والموظفين المحليين، وضمان الشفافية في تدبير الأموال العامة والممتلكات الجماعية.
القضاء هنا يرسل رسائل مزدوجة: أولا، أن المسؤولية القانونية تسري على الجميع بلا استثناء، وثانيا، أن التبرئة في بعض الملفات توضح أن المحاكم تحرص على الفصل بين المسؤولية الجنائية الفعلية والاتهامات المحتملة، بما يعكس نزاهة الإجراءات القضائية.